291

قال ابن عباس: قتلهم يوم بدر سبعين وأسرهم سبعين والمثلية وقعت في العدد من إصابة الرجال.

{ قلتم أنى هذا } هو استفهام على جهة الإنكار والتعجب والمعنى كيف أصابنا هذا ونحن نقاتل أعداء الله وقد وعدنا بالنصر وامداد الملائكة، وأنى سؤال عن الحال والمناسب أن يكون هنا بمعنى أين أو متى، لأن الاستفهام لم يقع عن المكان ولا عن الزمان هنا إنما الإستفهام وقع عن الحالة التي اقتضت لهم ذلك سألوا عنها على سبيل التعجب.

وقال الزمخشري: أنى هذا: من أين هذا، كقوله:

أنى لك هذا

[آل عمران: 37]، لقوله: من عند أنفسكم، وقوله: من عند الله. " انتهى " كلامه. والظرف إذا وقع خبرا للمبتدأ لا يقدر داخلا عليه حرف جر غير في أما ان يقدر داخلا عليه من فلا لأنه إنما انتصب على إسقاط في ولذلك إذا أضمر الظرف تعدى إليه الفعل بوساطة في إلا أن يتسع في الفعل فينصبه نصب التشبيه بالمفعول به. فتقدير الزمخشري أنى هذا: من أين هذا، تقدير غير سائغ واستدلاله على هذا التقدير بقوله: من عند أنفسكم، وقوله: من عند الله، وقوف مع مطابقة الجواب للسؤال في اللفظ وذهول عن هذه القاعدة التي ذكرناها. وأما على ما قررناه فإن الجواب جاء على مراعاة المعنى لا على مطابقة الجواب للسؤال في اللفظ وقد تقرر في علم العربية أن الجواب يأتي على حسب السؤال مطابقا له في اللفظ ومراعي فيه المعنى لا اللفظ والسؤال يأتي سؤال عن تعيين كيفية.

حصول هذا الأمر. والجواب بقوله: من عند أنفسكم، يتضمن تعيين الكيفية لأنه بتعين السبب تتعين الكيفية من حيث المعنى لو قبل على سبيل التعجب والإنكار: كيف لا يحج زيد الصالح، وأجيب عن ذلك بأن يقال: لعدم استطاعته، حصل الجواب وانتظم من المعنى أنه لا يحج وهو غير مستطيع.

{ قل هو من عند أنفسكم } قال الزمخشري: المعنى أنتم السبب فيما أصابكم لاختياركم الخروج من المدينة أو لتخليتكم المركز. وعن علي رضي الله عنه: لأخذكم الفداء من أسارى بدر قبل أن يؤذن لكم. " انتهى ". وهو كلام ملفق من أقوال المفسرين. { ومآ أصابكم يوم التقى الجمعان } ما: شرطية أو موصولة. وجواب الشرط أو خبر المبتدأ قوله: { فبإذن الله } وهو على إضمار أي فهو بإذن الله ونصوا على أن فعل الشرط وصلة الموصول لا تكون ماضية هنا. وفي قوله تعالى:

ومآ أفآء الله على رسوله منهم

[الحشر: 6] معلوم، أن هذه الاصابة وتلك الافاءة معلوم مضيتها فتأويلها على معنى التبيين أي أن تتبين إصابتكم أو أن تتبين الافاءة.

{ وليعلم } قالوا: متعلق بمحذوف، أي وفعل ذلك ليعلم. والمختار أن يكون معطوفا على بإذن الله والباء واللام كلاهما للسبب تقدم الكلام في تفسير علم الله المسند إليه مني هذا التركيب في قوله:

صفحه نامشخص