قالوا يا محمد صف لنا ربك فنزلت:
{ وإلهكم } الآية وسورة الاخلاص.
والهكم { إله واحد } أي لا يتجزأ ولا نظير له ولم يكن معه في الأزل شيء.
{ لا إله إلا هو } توكيد لمعنى الوحدانية ودلت على حصر الألوهية فيه تعالى ولا يجوز أن يكون إلا هو خبرا.
عن لا على مذهب الأخفش ولا خبرا عن مجموع لا إله إلا الله إذ هو في موضع مبتدأ على مذهب سيبويه لأن هو معرفة. وقالوا: هو بدل من اسم لا على الموضع وهو مشكل لأنه لا يمكن تقدير تكرار العامل لا تقول: لا رجل لا الا زيد. والذي ظهر لي فيه أنه ليس بدلا من لا إله إلا الله ولا الا زيد بدل من لا رجل. بل هو بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف إذ التقدير لا رجل كائن أو موجود إلا زيد. كما تقول: ما أحد يقوم إلا زيد. وإلا زيد: بدل من الضمير في يقوم، فهو بدل مرفوع من ضمير مرفوع. وقول من قال: لا يحتاج إلى حذف سهو.
و { الرحمن } خبر مبتدأ محذوف.
و { الرحيم } كذلك أي خبر لمبتدأ محذوف، أو خبر بعد خبر. أو خبران. أو صفة لقوله: والهكم وفصل بالخبر ولا إله إلا الله خبر ثان أو اعتراض.
{ إن في خلق السموت والأرض } لما تقدم اختصاصه تعالى بالالهية استدل بهذا الخلق الغريب استدلالا بالأثر على المؤثر، وبدا بالعالم العلوي وآياتها ارتفاعها من غير عمد تحتها ولا علائق فوقها وما فيها من النيرين الشمس والقمر والنجوم السيارة والكواكب الزاهرة شارقة وغاربة نيرة وممحوة وعظم إجرامها وارتفاعها، حتى قال أرباب الهيئة: إن الشمس قدر الأرض مائة وأربعة وستين مرة، وإن أصغر نجم في السماء قدر الأرض. سبع مرات وآية الأرض بسطها لا علاقة فوقها ولا دعامة تحتها وأنهارها وجبالها ونباتها ومعادنها، واختصاص كل موضع بما هيء فيه ومنافع نباتها ومضارها. وذكر أرباب الهيئة: ان الأرض نقطة في وسط الدائرة ليس لها جهة وان البحار محيطة بها والهواء محيط بالماء والنار محيطة بالهواء والأفلاك وراء ذلك.
{ واختلاف الليل والنهار } بإقبال هذا وإدبار هذا وبالنور والظلمة والطول والقصر والتساوي وقدم الليل لسبقه في الخلق.
{ والفلك التي تجري في البحر } الفلك قيل واحدة. فلك كاسد وأسد ويكون مفردا وجمعا فهو حركاته في الجمع غير حركاته في المفرد وإذا كان مفردا ثنى قالوا: فلكان. وقيل: إذ أريد به الجمع فهو اسم جمع. والذي أذهب إليه أنه لفظ مشترك حركاته في الجمع حركاته في المفرد ولا يقدر بغيرها وإذا كان مفردا كان مذكرا. وقيل: قد يكون مؤنثا وآيتها تسخير الله إياها حتى تجري على وجه الماء ووقوفها فوقه مع ثقلها ولو رميت حصاة لغرقت وتبليغها المقاصد.
صفحه نامشخص