يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة} بطانة الرجل: خصيصته وصفيه، شبه ببطانة الثوب، كما يقال: فلان شعاري، وفي الحديث: «الأنصار شعار، والناس دثار» (¬1) . {من دونكم} من دون أبناء جنسكم وهم المؤمنون؛ وكل من اتخذ من دونه (¬2) بطانة فسوف تنكشف له عداوته منه، إذا خالفه فيما لا يهواه، ولو بعد حين، تصديقا لكتاب الله، {لا يألونكم خبالا} لا يقصرون في فساد دينكم، والخبال: الفساد. {ودوا ما عنتم} أي: تمنوا أن يضروكم في دينكم ودنياكم أشد الضرر وأبلغه. {قد بدت البغضاء} أي: ظهرت أمارة العداوة {من أفواههم}، لأنهم لا يتمالكون مع ضبطهم أنفسهم، أن ينفلت من أنفسهم ما يعلم به بغضهم للمسلمين، مع التفرس لما يقتضيه مضمون كلامهم، تصريحا وتلويحا لأن “كل إناء بما فيه يرشح”، والنفس مجبولة على النطق بما في ضميرها. {
¬__________
(¬1) - ... رواه الشيخان وغيرهما عن عبدالله بن زيد بن عاصم، ومناسبة الحديث أنه لما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: «يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي...» إلى أن يقول بعد حديث طويل: «الأنصار شعار والناس دثار». والشعار الثوب الذي يلي الجلد من الجسد، والدثار الثوب الذي فوق غيره من الثياب. البخاري: كتاب المغازي، رقم 3985؛ ومسلم: كتاب الزكاة رقم 1785؛ وابن ماجه: كتاب المقدمة، رقم 160؛ وأحمد: مسند المدنيين، رقم 15874. العالمية: موسوعة الحديث، مادة البحث: «دثار».
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «من دونهم»، أي من دون المؤمنين.
صفحه ۱۷۳