يخادعون الله} يظهرون غير ما في نفوسهم، فالخداع إظهار غير ما في النفس. {والذين [4] آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم} أي وما يعاملون تلك المعاملة المشبهة بمعاملة المخادعين لأنفسهم، لأن ضررها يلحقهم، وحاصل خداعهم وهو العذاب في الآخرة يرجع إليهم؛ فكأنهم خدعوا أنفسهم. والنفس ذات الشيء وحقيقته، والخداع من الله في قوله: {وهو خادعهم} (¬1) أي يظهر لهم ويجعل لهم من النعيم في الدنيا خلاف ما يغيب عنهم من عذاب الآخرة؛ وقيل: أصل الخدع الفساد، معناه يفسدون (لعله) ما أظهروا من الإيمان بما أضمروا من الكفر؛ {وهو خادعهم}: (لعله) أي يفسد عليهم (لعله) يعني في الدنيا، لما (لعله) يصيروا إليه من عذاب الآخرة. ثم قيل: للقلب والروح «النفس»، لأن النفس بهما، وللدم نفس، لأن قوامها بالدم، وللماء نفس لفرط حاجتها إليه؛ والمراد بالأنفس هاهنا ذواتهم، والمعنى: لمخادعتهم ذواتهم، لأن الخداع لاصق بهم، لا يعدوهم إلى غيرهم. {وما يشعرون(9)} أن حاصل خداعهم يرجع إليهم، والشعور على الشيء (¬2) علم حس من الشعار وهو ثوب يلي الجسد ، ومشاعر الإنسان حواسه لأنها آلات الشعور، والمعنى أن لحوق ضرر ذلك بهم كالمحسوس، وهم لتمادي غفلتهم كالذي لا حس له.
{
¬__________
(¬1) - ... سورة النساء: 142.
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «بالشيء».
صفحه ۱۷