وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} البصر: نور العين، وهو ما يبصر به الرائي، كما أن البصيرة نور القلب، وهو ما به يستبصر ويتأمل؛ وكأنهما جوهران لطيفان خلقهما الله تعالى، فيهما آلتين (¬1) للإبصار والاستبصار. والغشاوة: الغطاء. والأسماع داخلة في حكم الختم، لا في حكم التغشية. قال أبو منصور: «الكافر لما لم يسمع قول الحق، ولم ينظر في نفسه وغيره من المخلوقات، ليرى آثار الحدث، فيعلم أن لا بد له من صانع، جعل كأن على بصره وسمعه غشاوة، وإن لم يكن ذلك حقيقة». والغشاوة: فعالة من “غشاه”، إذا غطاه.
{ولهم عذاب عظيم(7)} ومعنى التنكير أن على أبصارهم نوعا من التغطية غير ما يتعارفه الناس، وهو غطاء التعامي عن آيات الله، ولهم من بين الآلام العظام نوع عظيم من العذاب، لا يعلم كنهه إلا الله، والفرق بين العظيم والكبير أن العظيم يقابل الحقير، والكبير يقابل الصغير. والعذاب قيل ما يمنع الإنسان عن مراده، كأنهم منعوا عن مرادهم الحقيقي، إلا أنهم لم يعلموا به، ولذلك قال: {وما يشعرون}، (لعله) لأنهم تركوا التفكر عن (¬2) حقيقة مآلهم فصاروا معذبين في الدنيا والآخرة في المعنى، لأن ما بهم من دنياهم ليس بثابت، فليس بشيء في الحقيقة؛ والمؤمنون بضد ذلك، فهم منعمون في الدنيا والآخرة، لأن ما ينالهم من المكروهات في الدنيا ليس بباق، ولهم الثواب عليه.
{
¬__________
(¬1) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «آلتان»، أو: «خلق الله تعالى فيهما آلتين».
(¬2) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «في».
صفحه ۱۵