ومصطلحات بعيدة في أسلوبها عن السياق العام لأساليب اللغة العربية ، بحيث يقف الناس أمامها حائرين لا يجدون لديهم النور الذي يوضح لهم طبيعة المعاني ، لأنهم يخافون أن يكون المراد من الآية معنى آخر غير المعنى الظاهر منها ، من دون أية قرينة في داخل الكلام ، أو في أجوائه ، مما يلغي الهدف الكبير للقرآن الذي يرتكز على أساس اعتبار الآيات النازلة على الناس طريقا للانفتاح على حركة العقل والتفكير والاهتداء ، ولتحقيق التذكر والتقوى من خلال ذلك ، في عملية الوعي والاستيحاء ، كما جاء في قوله تعالى : ( كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ) [البقرة : 266]. ( كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون ) [البقرة : 242] ( كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ) [آل عمران : 103]. ( كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون ) [البقرة : 187] ( ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ) [البقرة : 221].
ولهذا كانت مسألة حجية ظواهر القرآن من القضايا البينة الواضحة التي أجمع عليها العلماء من خلال حجية الظواهر كلها.
وإذا كان القرآن يتحدث عن وجود متشابهات فيه ، فإن ذلك لا يعني « الرمز » ، بل يعني الكلام الذي يحتمل أكثر من وجه في مدلوله ، أو الذي يمكن أن تختلف فيه الإيحاءات ، وربما كانت المسألة تتجه نحو الجانب التطبيقي للآيات المتشابهة في أرض الواقع ، لا في الجانب المدلولي بحيث يستغلها الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ، ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وإرجاعه إلى الأفكار التي يحركونها في الناس من أجل إبعادهم عن الخط المستقيم.
وبذلك يكون دور الراسخين في العلم من خلال بعض القراءات هو تحديد الخطوط الواقعية التي يتحرك فيها مدلول الآية ، من خلال الأجواء
صفحه ۸