ويسحر البصر ، ويأخذ باللب ؛ ( تجري من تحتها الأنهار ) المتدفقة بالحياة الصافية ، العذبة ، الرقراقة ، التي تمنح الأرض الخصب والنمو والحياة ، لتنبت من كل زوج بهيج ، ولتهتز بالخضرة المعشوشبة والثمار اللذيذة.
( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا ) وتناولوه بأيديهم ، وحدقوا فيه ، وفي خصائصه ، وفي حجمه ، ولونه ، وشكله ، وتلذذوا بطعمه في عناصره الحلوة الشهية ، ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ) في الدنيا فلم يتغير علينا شيء مما ألفناه وعرفناه من الثمار ، ( وأتوا به متشابها ) يشبه بعضه بعضا في الشكل ، ولكنه يختلف في طبيعته ، أو يشبه ثمار الدنيا ، مع تميزه عنها في الجودة ، أو يشبه بعضه بعضا في الجودة ، ذلك أن لثمار الجنة خصائصها التي تتميز عن كل ما في الدنيا من لذة ، كما قال الله في الحديث عن كل ما في الجنة مما ينتظر المؤمنين والمؤمنات : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ) [السجدة : 17] ، فلا يعرف الإنسان ماذا يتخير منها.
( ولهم فيها أزواج مطهرة ) من قذارة الروح والجسد ، وربما أريد بهن الأبكار بقرينة ما ورد في القرآن عن الحور العين كما في قوله تعالى : ( إنا أنشأناهن إنشاء* فجعلناهن أبكارا* عربا أترابا ) [الواقعة : 35 37] فتكون الطهارة كناية عن البكارة على هدى قوله تعالى : ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) [الرحمن : 56]. وربما يقال : إن الأزواج جمع زوج ، والزوج يطلق على الرجل والمرأة فيقال لكل واحد منهما زوج ، فتكون الآية مسوقة للحديث عن أزواج الرجال المؤمنين من النساء المطهرات ، وعن أزواج النساء من الرجال المطهرين ، ويكون تأنيث مطهرة بلحاظ الجمع وفيه خفاء. ( وهم فيها خالدون )، لأن الجنة هي دار البقاء من خلال ما يعلمه الله من ذلك في ما قدره لعباده في الآخرة.
* * *
صفحه ۱۹۴