172

وهكذا رأينا الكثيرين يطرحون الإعجاز العملي كمظهر من مظاهر التحدي القرآني ؛ فيتحدثون عن كروية الأرض التي أشارت إليها الآيات التي تتحدث عن ( رب المشرقين ورب المغربين ) [الرحمن : 17] ، أو ( برب المشارق والمغارب ) [المعارج : 40] ، باعتبار أننا لا نفهم معنى معقولا لتعدد المشارق والمغارب إلا من خلال كروية الأرض التي نجد فيها الشمس تشرق عندنا وهي تغرب عند قوم آخرين ، وبالعكس ، أو من خلال قانون الزوجية في الكون ، ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) [الذاريات : 49] وغير ذلك من الأسرار التي لم يكتشفها الإنسان إلا بعد حين.

وقد يذكرون إلى جانب ذلك الإعجاز الغيبي من خلال إخبار القرآن بالمغيبات كشاهد على إعجاز القرآن ، ويتحدثون في هذا المجال عن قوله تعالى : ( الم* غلبت الروم* في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ) [الروم : 1 3].

فقد ذكر المفسرون في أسباب النزول أن الفرس تغلبوا على الروم ، فشمت المشركون بالمؤمنين ، باعتبار أن الروم يلتقون مع المسلمين على أساس الإيمان بالله الواحد ، فنزلت الآية لتخبر بالانتصار المستقبلي للروم على الفرس ، وقد حدث ذلك في سنوات قليلة ، كما جاء في الآية الكريمة ، ثم يتحدثون عن آيات أخرى في هذا المجال.

وقد يذكرون في معرض الحديث عن الإعجاز القرآني نظامه وتشريعه المعجز الذي أثبت قدرته على الصمود والاستمرار أمام التطورات والمتغيرات الحياتية ، فلم يعرض عليه أي خلل في حل مشاكل الإنسان والحياة ، بل استمرت الأصالة الإسلامية في التشريع ثابتة من أجل أن يتطور الإنسان نحو المستقبل الأفضل بدلا من أن يتطور نحو الانحراف.

ثم تتنوع الأحاديث في قضية الإعجاز حتى تصل إلى الإعجاز العددي

صفحه ۱۸۱