مجمع البيان في تفسير القرآن
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
ژانرها
(1) - أي ولأدع وقال آخر:
محمد تفد نفسك كل نفس # إذا ما خفت من أمر تبالا
أي لتفد قال المبرد حدثني المازني قال جلست في حلقة الفراء فسمعته يقول لأصحابه لا يجوز حذف لام الأمر إلا في الشعر ثم أنشد:
من كان لا يزعم أني شاعر # فيدن مني ينهه الزواجر
فقلت له لم جاز في الشعر ولم يجز في الكلام قال لأن الشعر يضطر فيه الشاعر فيحذف قال فقلت فما اضطره هاهنا وهو يمكنه أن يقول فليدن مني قال فسأل عني فقيل المازني فأوسع لي وقوله «مما تنبت الأرض» من هنا للتبعيض لأن المراد يخرج لنا بعض ما تنبته الأرض وقال بعضهم أن من هنا زائدة نحو قولهم ما جاءني من أحد والصحيح الأول لأن من لا تزاد في الإيجاب وإنما تزاد في النفي ولأن من المعلوم أنهم لم يريدوا جميع ما تنبته الأرض ونون جمع القراء مصرا لأنه أراد مصرا من الأمصار بغير تعيين لأنهم كانوا في تيه ويجوز أن يكون المراد مصر بعينها البلدة المعروفة وصرفه لأنه مذكر وروي عن ابن مسعود أنه قرأ بغير ألف ويجوز أن يكون المراد مصر هذه بعينها كما قال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين وإنما لم يصرفه لأنه اسم المدينة فهو مذكر سمي به مؤنث ويمكن أن يكون إنما نونه من نونه اتباعا للمصحف لأنه مكتوب في المصحف بألف وقوله «ذلك بأنهم كانوا يكفرون» قال الزجاج معناه والله أعلم الغضب حل بهم بكفرهم وأقول في بيانه أن ذلك إشارة إلى الغضب في قوله «وباؤ بغضب» فهو في موضع الرفع بالابتداء وإن مع صلته من الاسم والخبر في موضع جر بالباء والجار يتعلق بخبر المبتدأ وهي جملة من الفعل والفاعل حذفت لدلالة ما يتصل بها عليها وكذلك قوله «ذلك بما عصوا» فإن ما مع صلته في تأويل المصدر.
المعنى
لما عدد سبحانه فيما قبل ما أسداه إليهم من النعم والإحسان ذكر ما قابلوا به تلك النعم من الكفران وسوء الاختيار لنفوسهم بالعصيان فقال «وإذ قلتم» أي قال أسلافكم من بني إسرائيل «يا موسى لن نصبر على طعام واحد» أي لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد وإنما قال «على طعام واحد» وإن كان طعامهم المن والسلوى وهما شيئان لأنه أراد به أن طعامهم في كل يوم واحد أي يأكلون في اليوم ما كانوا يأكلونه في الأمس كما يقال أن طعام فلان في كل يوم واحد وإن كان يأكل ألوانا إذا حبس نفسه على
صفحه ۲۵۵