تفسير جالينوس لفصول أبقراط
شرح جالينوس لفصول أبقراط بترجمة حنين بن إسحق
ژانرها
قال جالينوس: (1) يقال إن الشيء (28) يستفرغ من تلقاء نفسه من البدن إذا كان استفراغه يكون من غير أن يكون الطبيب فعل شيئا، وربما كان ذلك من قبل أن الطبيعة التي تدبر البدن قذفت ذلك الشيء ونقت البدن منه (29)، وربما كان من تهييج ذلك الشيء وتلذيعه PageVW3P110B أو من أن الأوعية لا تضبطه ولا تحصره (30). (2) فإذا كانت الطبيعة هي المفرغة للشيء الفضل (31) انتفع الحيوان باستفراغ ما يستفرغ منه، وإذا كان استفراغ ما يستفرغ على خلاف ذلك (32) وبطريق العرض (33) لم يتبعه انتفاع، وكان ذلك الاستفراغ دليلا على حال رديئة. (3) فبالواجب أشار أبقراط أن يقتدي بالطبيعة. (4) والاقتداء بها يكون (34) بأن يروم المستفرغ أن يستفرغ من الأخلاط في كل واحد من الأمراض (35) النوم الذي رأى أن (36) استفراغه من تلقاء نفسه ينفع. (5) وقد قال فيما تقدم في (37) ذلك قولا عاما حين قال «وكذلك خلاء (38) العروق فإنها إن خلت من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه نفع ذلك وسهل احتماله (i. 2)». (6) وأما الآن فإنما (39) جعل كلامه في الاستفراغ الذي يكون بالدواء فقط، لأن غرضه في هذا الموضع من كتابه الكلام في هذا دون غيره. (7) والأجود فيما أحسب أن أتي بالقول في جميع أصناف الاستفراغ من أوله إلى آخره، أعني الاستفراغ الذي يتلطف (40) الأطباء لاستدعائه من أبدان المرضي. (8) فإن هذا الاستفراغ ربما كان بالأدوية التي ينقى البدن كله منها PageVW0P002B بالقيء ومنها (41) بالإسهال وربما كان الدواء إنما يستفرغ عضوا واحدا مثل الأدوية التي تستفرغ فضول الرأس (42) من اللهوات أو من المنخرين. (9) والأدوية أيضا التي تنقي الصدر والرئة بالسعال من جنس ما (43) يخرج الفضول والأدوية التي تخرج الفضلة المائية من البدن (44) كله بالبول من هذا الجنس (45). (10) والكلى أيضا PageVW2P052B نوع من هذا، وكل علاج غيره لا يكون استفراغه للبدن كله بالسواء (46) كما قد نعلم أن فصد العروق (47) يستفرغه وكل صنف من أصناف استفراغ الدم على أي وجه كان. (12) ومن أصناف هذا الاستفراغ الذي يكون من (48) الرحم والاستفراغ الذي يكون بانفتاح أفواه العروق التي تنفتح أسفل، والاستفراغ الذي يكون بالرياضة وبالدلك وبكل حركة وبالتكميد وبالاستحمام بالماء الحار (49) لا (50) سيما إن كان في الماء قوة بورقية أو كبريتية أو قفرية (51) وبطريق العرض الامتناع (52) من الطعام. (13) فإن جميع هذه الأصناف من الاستفراغ قد يظن أنها (53) تستفرغ البدن (54) كله بالسواء على أنه إن استقصى البحث PageVW3P111A عنها وجدت لا تستفرغ (55) البدن كله بالسواء إلا أن هذه الأصناف لما كان التفاضل فيها في مقدار ما يستفرغ من الواحد على (56) الآخر يسيرا (57) قيل إنها يستفرغ البدن بالسواء. (14) وأما الأدوية المسهلة والمقيئة فالأمر (58) فيها بين أن النوع من الاستفراغ الذي يفعله الواحد منها مخالف (59) للنوع الذي يفعله (60) الآخر، وكلام أبقراط في هذا الموضع كما قلنا إنما هو في هذا الصنف من الاستفراغ. (15) وليس يخبر فيه شيء فضل على ما خبر به في جميع الاستفراغ. (16) فإن الغرض في كل (61) استفراغ إنما هو واحد وهو القصد للخلط الغالب على البدن، وقد ينبغي أن يلتمس تعرفه من اللون (62) الذي يظهر في البدن كله في كل واحدة من أحواله ومن الأعراض ومن الأمراض الحادثة (63) فيه ومن وقت السنة والبلد والسن ومزاج الهواء في الوقت الحاضر وطبيعة المريض (64) وعمله وتدبيره. مثال ذلك أنه إن كان في المثل لون البدن قد مال (65) إلى الصفرة (66) مثل ما يعرض في أصحاب اليرقان وكانت (67) المرة الصفراء لا تنحدر مع البراز وكانت قد حدثت (68) في البدن كله بثور مما تولد المرة (69) الصفراء وكان قد حدث في عضو من البدن (70) حادث على هذا الطريق مثل أن يعرض في المعدة لذع وحرقة وكرب وذهاب الشهوة (71) وعطش ومراره في الفم أو حدث في بعض الأعضاء الورم الذي يقال له الحمرة أو عرض (72) لذلك الانسان حمى غبة (73) أو حمى محرقة. فإن هذه الأشياء كلها تدل على غلبة المرة (74) الصفراء ولذلك ينبغي أن يلتمس استفراغها بالأدوية PageVW2P053A التي يستفرغها. PageVW0P003A وهذا هو معنى ما قال أبقراط حين قال «إن كان ما يستفرغ من البدن من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن». فإن النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن إنما هو الخلط الغالب المؤذي للمريض بكيفيته، ومن أجل ذلك قال إن هذا (75) الاستفراغ ينفع، إلا أنه قال (76) لما كان كل حرس مغرب قد يعرض فيه الخطأ عند العمل في الأحايين لأن التشابه كما قال ابقراط قد يغلط أفاضل الأطباء فضلا عن أخسائهم خبرنا بعلامة أخرى مقرونة بالاستفراغ المحمود وهي سهولة احتمال (77) الاستفراغ وخفية كيما تدعونا هذه العلامة أيضا إلى الثقة بأنا قد أصبنا في استفراغنا ما استفرغنا. وما مثلته لك في المرة الصفراء فتفهمه (78) في المرة السوداء. فإن المرة السوداء أيضا إذا غلبت على البدن مال (79) لون البدن كله إلى السواد وكان ما يظهر في البدن من البثور أسود على لون السوداء. والأمراض أيضا التي تكون من غلبة السوداء تدل دلالة بينة على كثرتها في البدن مثل الجذام والسرطان. وحمى الربع أيضا إنما تولدها من المرة السوداء وعظم الطحال أيضا واتساع العروق التي تتسع وتسود إنما تكون من المرة السوداء، وكذلك الوسواس وكل اختلاط ذهن يكون مع عصب وأقدام وخبث نفس. فأما أبقراط فقد يستدل على الخلط الغالب في البدن في النساء مع ما يستدل به من الطمث، وقد وصف الدلالات التي يستدل بها منه في المقالة الأولى من كتابه في أوجاع النساء. فمن هذه الدلائل ينبغي أن يستدل على غلبة المرة السوداء في البدن، فإذا نصبنا هذه الأشياء كالأغراض لنا ونظرنا فيها فهناك (80) ينبغي أن يستعمل الاستفراغ. وأما (81) الغرض الثاني فينبغي أن نجعله في حال الاستفراغ بسهولته وخفته على المريض. وما قلته في المرة الصفراء والسوداء فافهمه في البلغم أيضا، فإن من علامات غلبة البلغم على البدن الأورام الرخوة التي (82) من جنس الترهل وما يظهر في البدن من جنس الشواء (83) وغيره مما لونه PageVW2P053B إلى البياض ولون البدن كله أيضا إذا كان على لون هذا الخلط والحمى النائبة في كل يوم وأبطأ الذهن والبلادة والكسل والسبات والنعاس وثقل الرأس والجشاء الحامض إذا كثر البلغم في المعدة، فإن هذه الدلائل تنبيهك (84) بأنه ينبغي لك أن تسقي دواء بعض البلغم. فإذا فعلت ذلك واستفرغ البلغم فإن سهولة استفراغه وخفته تشهد على صحة الاستدلال وصواب ما تقدم (85) عليه بذلك الاستدلال من الاستفراغ فقد (86) يغنيك على الاستدلال ويقوي رجالي للمنفعة بالاستفراغ سن المريض وطبيعته والوقت الحاضر من السنة وحال الهواء في ذلك (87) الوقت والبلد وما تقدم من تدبير المريض PageVW0P003B مع سائر أعماله. وقد علمت أن هذه الأشياء كلها منها ما يزيد في البلغم ومنها ما يزيد في الصفراء ومنها ما يزيد في المرة السوداء. وجميع هذه الأشياء كما (88) قلنا هي أغراض ينظر فيها ويستدل بها على الدواء الذي ينبغي أن يسقاه المريض حتى ينتفض (89) منه (90) الخلط الغالب على بدنه. وفي حال الاستفراغ غرض آخر إما أن يشهد لنا على أنا قد أحسنا الاستدلال وإما أن نكشف خطأنا فيه. فأما (91) الذي يشهد بأنا قد أحسنا (92) فسهولة الاستفراغ وخفة البدن به. وأما الذي يكشف (93) الخطأ فعسر الاستفراغ والتياث البدن به. وذلك أنه متى استفرغ الخلط المؤذي احتمل البدن استفراغه وخف به (94). ومتى استفرغ غير الخلط المؤذى فواجب ضرورة أن يعسر احتمال المريض لذلك الاستفراغ وأن يلتاث (95) بدنه . فالشيء كما قلت (96) الذي خبر به في أول هذا الكتاب في فصل واحد حين قال «وكذلك خلاء العروق فإنها إن خلت من النوع الذي ينبغي أن يخلو منه نفع وسهل احتماله». قاله هاهنا في الاستفراغ حاصة الذي يكون بالدواء وقسمه فجمعه (97) في قولين فقال في القول الأول أي الاستفراغ هو النافع وقال في القول الذي في بعده إن العلامة الصحيحة (98) التي لا تخطئ اللازمة لذلك الاستفراغ هي (99) سهولة احتماله واستقلال (100) البدن به. وقد وصف أبقراط مثالات كثيرة في (101) الاستفراغ الذي يكون طوعا من تلقاء نفسه فينفع في كتاب أبيديميا، ووصف أيضا منها أشياء قليلة في هذا الكتاب منها قوله «إذا كان بإنسان استسقاء PageVW2P054A فجرى الماء منه في عروقه إلى بطنه كان بذلك انقضاء مرضه (vi. 14)». ومنها قوله «إذا كان بإنسان رمد فاعتراه اختلاف فذلك (102) علامة خير (103) (vi. 17)». ومنها قوله «إذا كان بإنسان (104) اختلاف مرار فأصابه صمم انقطع عنه ذلك الاختلاف. وإذا كان بإنسان صمم فحدث له اختلاف مرار ذهب عنه (105) الصمم (106) (iv. 28)».
3
[aphorism]
PageVW3P112B قال أبقراط: إن استفراغ البدن من النوع (108) الذي ينبغي أن ينقى منه نفع ذلك واحتمل (109) بسهولة، وإن كان الأمر على ضد ذلك كان الأمر (110) عسرا.
[commentary]
قال جالينوس: قد فسرت هذا الفصل قبل في تفسير في الفصل الذي قبله، وقد وجدنا (111) هذا الفصل أيضا مكتوبا في موضع آخر من هذا الكتاب قبل هذا الموضع بهذا اللفظ بعينه، ولذلك قد يسقطه قوم من هذا الموضع. (107)
4
[aphorism]
صفحه ۶۶۳