Tafsir Ibn Kathir
تفسير ابن كثير
ویرایشگر
سامي بن محمد السلامة
ناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۲۰ ه.ق
ژانرها
تفسیر
﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧)﴾
قَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِيمَا إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ إِلَى آخِرِهَا أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: "هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ". وَقَوْلُهُ: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ مُفَسِّرٌ لِلصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ. وَهُوَ بَدَلٌ مِنْهُ عِنْدَ النُّحَاةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفَ بَيَانٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ (١) هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، حَيْثُ قَالَ: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ [النِّسَاءِ: ٦٩، ٧٠] .
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ بِطَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ، مِنْ مَلَائِكَتِكَ، وَأَنْبِيَائِكَ، وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحِينَ؛ وَذَلِكَ نَظِيرُ مَا قَالَ رَبُّنَا تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ الْآيَةَ [النِّسَاءِ: ٦٩] .
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ قَالَ: هُمُ النَّبِيُّونَ. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ. وَقَالَ وَكِيع: هُمُ الْمُسْلِمُونَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هُمُ النَّبِيُّ ﷺ وَمَنْ مَعَهُ. وَالتَّفْسِيرُ الْمُتَقَدِّمُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَعَمُّ، وَأَشْمَلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ [قَرَأَ الْجُمْهُورُ: "غَيْرِ" بِالْجَرِّ عَلَى النَّعْتِ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَرُوِيَتْ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَذُو الْحَالِ الضَّمِيرُ فِي ﴿عَلَيْهِمْ﴾ وَالْعَامِلُ: ﴿أَنْعَمْتَ﴾ وَالْمَعْنَى] (٢) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَصْفُهُمْ وَنَعْتُهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الْهِدَايَةِ وَالِاسْتِقَامَةِ وَالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَرُسُلِهِ، وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَتَرْكِ نَوَاهِيهِ وَزَوَاجِرِهِ، غَيْرِ صِرَاطِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، [وَهُمُ] (٣) الَّذِينَ فَسَدَتْ إِرَادَتُهُمْ، فَعَلِمُوا الْحَقَّ وَعَدَلُوا عَنْهُ، وَلَا صِرَاطِ الضَّالِّينَ وَهُمُ الَّذِينَ فَقَدُوا الْعِلْمَ فَهُمْ هَائِمُونَ فِي الضَّلَالَةِ لَا يَهْتَدُونَ إِلَى الْحَقِّ، وأكد الكلام بلا لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ ثَمّ مَسْلَكَيْنِ فَاسِدَيْنِ، وَهُمَا طَرِيقَتَا الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ النُّحَاةِ أَنَّ ﴿غَيْرَ﴾ هَاهُنَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مُنْقَطِعًا لِاسْتِثْنَائِهِمْ مِنَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسُوا مِنْهُمْ، وَمَا أَوْرَدْنَاهُ أَوْلَى، لِقَوْلِ الشَّاعِرِ (٤) كأنَّك مِنْ جِمال بَنِي أقَيش ... يُقَعْقَعُ عِنْدَ (٥) رِجْلَيْه بشَنِّ
أَيْ: كَأَنَّكَ جَمَلٌ مِنْ جِمَالِ بَنِي أُقَيْشٍ، فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ وَاكْتَفَى بِالصِّفَةِ (٦)، وَهَكَذَا، ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾
(١) في جـ، ط، ب: "أنعم".
(٢) زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
(٣) زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
(٤) هو النابغة الذبياني، والبيت في تفسير الطبري (١/١٧٩) .
(٥) في جـ: "بين".
(٦) في ط: "واكتفى بالمضاف إليه".
1 / 140