Tafsir Ibn Kathir
تفسير ابن كثير
ویرایشگر
سامي بن محمد السلامة
ناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
۱۴۲۰ ه.ق
ژانرها
تفسیر
الصَّلَوَاتِ، أَخْذًا بِمُطْلَقِ الْحَدِيثِ: " لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ".
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا تَتَعَيَّنُ (١) قِرَاءَتُهَا، بَلْ لَوْ قَرَأَ بِغَيْرِهَا أَجْزَأَهُ لِقَوْلِهِ: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [الْمُزَّمِّلِ: ٢٠]، [كَمَا تَقَدَّمَ] (٢) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: " لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا " (٣) . وَفِي صِحَّةِ هَذَا نَظَرٌ، وَمُوَضِّحُ (٤) تَحْرِيرِ هَذَا كُلِّهِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: هَلْ تَجِبُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَأْمُومِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهَا، كَمَا تَجِبُ عَلَى إِمَامِهِ؛ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَالثَّانِي: لَا تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ قِرَاءَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ لَا الْفَاتِحَةُ وَلَا غَيْرُهَا، لَا فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ وَلَا السِّرِّيَّةِ، لِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ " وَلَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ (٥) . وَرَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ وَهَبِ بْنِ كَيْسَان، عَنْ جَابِرٍ مِنْ كَلَامِهِ (٦) . وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ طُرُقٍ، وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ تَجِبُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْمَأْمُومِ فِي السِّرِّيَّةِ، لِمَا (٧) تَقَدَّمَ، وَلَا تَجِبُ (٨) فِي الْجَهْرِيَّةِ لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ؛ فَإِذَا كبَّر فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ (٩) .
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ؛ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا " (١٠) . وَقَدْ صَحَّحَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَيْضًا، فَدَلَّ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيِّ، ﵀، وَرِوَايَةٌ عَنِ الإمام أحمد بن حنبل (١١) .
(١) في جـ، ط: "لا يتعين".
(٢) زيادة من جـ، ط.
(٣) سنن ابن ماجة برقم (٨٣٩) وقال البوصيري في الزوائد (١/٢٩١): "هذا إسناد ضعيف، أبو سفيان السعدي واسمه طريف بن شهاب، وقيل: ابن سعد، قال ابن عبد البر: أجمعوا على ضعفه". وأبو سفيان قد توبع، تابعه قتادة، فرواه عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا بلفظ: "أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر" أخرجه أبو داود في السنن برقم (٨١٨) .
(٤) في جـ، ط: "وموضع".
(٥) راه أحمد في المسند (٣/٣٣٩) وقد أطنب الإمام الزيلعي في الكلام على طرق هذا الحديث في كتابه "نصب الراية" (٢/٦-١٤) مما أغنى عن ذكره هاهنا.
(٦) راه البيهقي في السنن الكبرى (٢/١٦٠) من طريق مالك، وقال: "هذا هو الصحيح عن جابر من قوله: غير مرفوع".
(٧) في جـ: "كما".
(٨) في جـ، ط، ب: "ولا تجب ذلك".
(٩) صحيح مسلم برقم (٤١٤) .
(١٠) سنن أبي داود برقم (٦٠٤) وسنن النسائي (٢/١٤١، ١٤٢) وسنن ابن ماجة برقم (٨٤٦) قال أبو داود: "وهذه الزيادة: "وإذا قرأ فأنصتوا" ليست بمحفوظة، الوهم عندنا من أبي خالد". وقد صحح هذه الزيادة مسلم في صحيحه، وتعقبه الدارقطني في التتبع (ص ٢٣٩) . وانظر جواب أبي مسعود الدمشقي في: حاشية التتبع، وللشيخ ناصر الألباني بحث حول هذه الزيادة في الإرواء (٢/١٢١) وهو حسن.
(١١) في جـ: "أحمد".
1 / 109