تفسير ابن عربي للقرآن حقيقته وخطره
تفسير ابن عربي للقرآن حقيقته وخطره
ناشر
الجامعة الإسلامية
شماره نسخه
الثانية
محل انتشار
المدينة المنورة
ژانرها
ابن عباس وعمر- ﵃ فقد فهما معنى آخر وراء الظاهر هو المعنى الباطن الذي تدل عليه السورة بطريق الإشارة.
وأيضا ما ورد من أنه لما نزل قوله تعالى في الآية (١٢) من سورة المائدة: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينًا﴾، فرح الصحابة وبكى عمر رضي الله تعالى عنه وقال: ما بعد الكمال إلا النقص مستشعرا نعيه ﵊، فقد أخرج ابن أبى شيبة: أن عمر ﵁ لما نزلت الآية بكى، فقال النبي ﷺ: "ما يبكيك؟ " قال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذا كمل، فانه لم يكمل شيء قط إلا نقص، فقال ﵊: "صدقت" ١.
فعمر- ﵁ أدرك المعنى الإشاري، وهو نعي رسول الله ﷺ، وأقره النبي على فهمه هذا. وأما باقي الصحابة فقد فرحوا بنزول الآية، لأنهم أيفهموا أكثر من المعنى الظاهر لها.
هذه الأدلة مجتمعة تعطينا أن القرآن الكريم له ظهر وبطن.. ظهر يفهمه كل من يعرف اللسان العربي، وبطن يفهمه أصحاب المواهب وأرباب البصائر، غير أن المعاني الباطنية للقرآن لا تقف عند الحد الذي تصل إليه مداركنا القاصرة، بل هي أمر فوق ما نظن وأعظم مما نتصور، ولقد فهم ابن مسعود ﵁: أن في فهم معاني القرآن مجالا رحبا ومتسعا بالغا فقال: "من أراد علم الأولين والآخرين فليثور٢ القرآن" وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ سورة الأنعام "٢٨".
_________
١ تفسير الآلوسي ج٦ ص٦٠
٢ أي لينقر عنه ويفكر في معانيه وتفسيره وقراءته.
1 / 16