تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
ژانرها
والخطوة اثر القدم او الفرجة بين القدمين والمراد بخطوات الشيطان الخيالات والخطرات الفاسدة والاهوية الكاسدة الناشئة منها واتباع خطواته فى المأكول تحصيله من غير وجهه وفى الاكل ان يؤكل المأكول حين كون الاكل تابعا لائمة الضلالة او معاندا لائمة الهدى او غافلا عن الاتباع لائمة الهدى وائمة الضلالة او تابعا لائمة الهدى غافلا عن التبعية وعن ذكر الله آكلا لمحض تشهى النفس من غير ملاحظة أمر من الله وقوة للبدن وابقاء لمركب الروح للعبادة وبالجملة الآكل اذا كان مسلما حقيقة او مؤمنا بالايمان الخاص وكان متذكرا لله وآكلا لامره تعالى واباحته تعالى لتقوية ظهره وبقاء بدنه للعبادة وتفريح نفسه بسبب الوصول الى حظوظها وكان المأكول مما أباح الشريعة كان أكله من غير اتباع لخطوات الشيطان، وان كان غير ذلك كان أكله باتباع خطوات الشيطان وكان غذاؤه مقويا للشيطان المغوى ومضعفا للملك الزاجر وقد ذكروا أن الاكل مع تشتت البال يورث التفرقة فى الخاطر ومع جمعيته يورث الاطمئنان وجمعية الخاطر، فاحذروا اخوانى من اتباع خطوات الشيطان فان اتباعه يجعله متمكنا منكم بحيث لا يمكنكم الفرار منه، وقد يؤول خطوات الشيطان بأئمة الضلالة فانهم المتحققون بخطوات الشيطان كأنه ليس فى وجودهم الا اثره { إنه لكم عدو مبين } ظاهر عداوته او مظهر لعداوته على من كان له جهة الهية لا على غيره.
اعلم ان الشيطان من عالم الظلمة وأن الظلمة ضد للنور ومفنية له كما ان النور ضد لها ومفنيها وان الانسان ببدنه ونفسه واقع بين عالمى النور والظلمة وقابل لتصرفها وان كل شيء يقتضى بالفطرة ان يصير مجاورة سنخه وان كل ذا شعور يقتضى بفطرته السعة والاحاطة بما يمكن له الاحاطة به ولهذا كان كل عاقل يطلب الاحاطة العلمية بما لم يعلمه وان اللطيفة السيارة الانسانية طليعة من عالم النور تنزلت منه وأشرقت على النفس الحيوانية والانسانية وهذه الطليعة ما دامت باقية لا يتيسر للشيطان التصرف التام فى الانسان، واذا انطفت صار ملك الانسان ملكا للشيطان من غير معارض، فاذا تحقق ذلك علم ان الشيطان عداوته للانسان ذاتية ظاهرة على من كانت هذه اللطيفة فيه باقية.
[2.169]
{ إنما يأمركم بالسوء } جواب للسؤال عن حاله مع الانسان او عن علة النهى عن اتباع خطواته، والسوء كل ما عده الشرع او العقل او العرف قبيحا لكن المراد منه هاهنا ما لم ينته فى القبح { والفحشآء } وهو ما انتهى من ذلك فى القبح { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } حقيقته او اثره النافع او الضار كان تنسبوا لحرمة او الاباحة فى شيء من الادوية او الاغذية الى الله تعالى من غير ان تعلموا أنه ضار او نافع.
تحقيق القول على الله بما لا يعلمه
وعلى هذا اذا علم الانسان أن هذا الدواء بحسب الاسباب الطبيعية مضر لشخص خاص او لعموم الناس لا مانع له من ان يقول: هذا حرام من الله لهذا الشخص او لعموم الناس، وان كان هذا يرجع الى ما علم حرمته من الشريعة بالضرورة، او { أن تقولوا على الله ما لا تعلمون } انتسابه الى الله من الاحكام الشرعية والاخلاق النفسية والعقائد الدينية وعلم ذلك اما بالوحى او بالاتصال الى عالم الامر او بالتقليد من صاحب الوحى او صاحب الاتصال؛ فصاحب الوحى لا ينطق عن الهوى بل ينطق عن وحى يوحى، وصاحب الاتصال هو الذى علم حقيقة الامر وآثاره فلا ينطق عن الهوى
أفتمارونه على ما يرى
[النجم: 12] وصاحب التقليد شأنه التسليم يقول:
كل من عند ربنا
[آل عمران: 7]، واما غير الثلاثة فلا يجوز له القول فى الضار والنافع من الاشياء ولا القول بالحل والحرمة فيها والظن لا يقوم هاهنا مقام العلم الا ان يدل دليل على خروجه من القضية الكلية القائلة بأن الظن لا يغنى من الحق شيئا والعامة العمياء القائلة بالظن والرأى والقياس والاستحسان قائلون على الله ما لا يعلمون واما الخاصة فليس شأنهم الا التسليم واتباع صاحب الوحى والاتصال وتقليدهم، نعم ان خرجوا من التسليم والتقليد واتبعوا الرأى والقياس واجترؤا على الفتيا من غير اذن واجازة من صاحب الاجازة كانوا مثلهم من غير فرق ولا يستعمل العلم فى الظن حتى يجوز ادعاء الظن من العلم هاهنا وظنية الطريق لا يفيد الا الظن بالحكم، والقطع بجواز العمل بالمظنون غير القطع بالحكم فنسبة المظنون الى الله قول على الله بما لا يعلم والتصويب ليس من مذهب الشيعة وقد صرح بعض العامة بأن فى هذه الآية منعا من اتباع الظن فى المسائل الدينية ولا حاجة لمن تأمل فيها ادنى تأمل الى بيان آخر ولكن لمزيد التوضيح نذكر قليلا مما ورد من المعصومين (ع ) فنقول: نسب الى الصادق (ع) أنه قال: اياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك؛ اياك ان تفتى الناس برأيك او تدين بما لا تعلم، وعنه (ع): أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال، أنهاك ان تدين الله بالباطل وتفتى الناس بما لا تعلم، وعنه (ع) ان الله خص عباده بآيتين من كتابه ان لا يقولوا حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا، قال الله تعالى:
صفحه نامشخص