تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
ژانرها
{ أولئك } العظماء المذكورون بالاوصاف العظام { على هدى من ربهم } بحيث انهم حاكمون على وصف الهدى لا أنهم محكومون به فالاتيان باسم الاشارة البعيدة لاحضار المسند اليه بأوصافه المذكورة ليكون كالعلة للحكم وللاشارة الى بعد مرتبتهم لعظمتهم، وان كان { الذين } الاولى او الثانية مبتدأ فتكرير المبتدأ باسم الاشارة يفيد الحصر، وان كانتا تابعتين للمتقين فكون الجملة جوابا لسؤال ناشئ عن المقام يقتضى الحصر فانه بعد ذكر المتقين وكون الكتاب هاديا لهم وذكر اوصافهم الجميلة صار المقام مقام ان يقال: ما لهم من الله، وبما امتازوا من غيرهم فقال: اولئك امتازوا عن غيرهم بكونهم على هدى اهدى اليهم من ربهم دون غيرهم، والحصر فى القرين الثانى قرينة للحصر هاهنا.
{ وأولئك هم المفلحون } تكرار المبتدأ للاشارة الى امتيازهم بكل من الصفتين على حيالهما لا بجمعهم بينهما، وتوسيط العاطف للاشارة الى ان كلا من الوصفين غير الآخر، ولو اتى بالجملة الثانية مجردة عن العاطف لتوهم ان الثانية تأكيد للاولى وان الوصفين متحدان او متلازمان.
[2.6]
بيان الكفر واقسامه
{ إن الذين كفروا } بالله لا بالشيطان فان الكفر كفران؛ كفر بالله وكفر بالشيطان وإذا اطلق فى الآيات والاخبار كان المراد الكفر بالله؛ والكفر بالله ينقسم الى كفر الوجوب الذاتى وكفر الآلهة وكفر التوحيد وكفر الرسالة وكفر الولاية وكفر المعاد وكفر النعماء؛ فان القائلين بالبخت والاتفاق كافرون بالوجوب الذاتى، واليهود القائلين بالوجوب الذاتى وانه قد فرغ من الامر، والمعتزلة القائلين بأن العباد فاعلون بالاستقلال كافرون بالآلهة، والقائلون بمبدأين واجبين او بمبدء واحد واجب وفاعلين الاهين كافرون بالتوحيد، ومنكر الرسالة المطلقة او رسالة رسول خاص كافر بالرسالة، ومنكر بقاء الولاية بعد انقطاع الرسالة مطلقا او منكر ولاية ولى خاص كالعامة، والفرق المنحرفة من الشيعة كافرون بالولاية، ومنكر المعاد كافر بالمعاد، ومنكر انعام المنعم كافر بالنعم، وكل واحد من ذلك اما كفر قولي او جنانى او حالى او شهودى او تحققى، والمنفصلة مانعة الخلو فان الكافر بالنعمة اما كافر لسانا كقارون حين قال: انما اوتيته على علم عندى، او اعتقادا كمن لا يعتقد مبدء ولا انعاما منه، او حالا كاكثر المقرين بالله وبانعامه الغافلين عنه، او شهودا وقل من لا يكفر بهذا الكفر، او تحققا ولا ينفك عنه الا الانبياء وبعض الاولياء، وينقسم بقسمة أخرى الى الكفر الفطرى وهو الكفر الذاتى الذى لا ينفع لصاحبه الانذار، والى الكفر العرضى الذى ينتفع صاحبه بالانذار بل الانذار لهذا الكافر والا فالمؤمن بجهة ايمانه ليس له الا البشارة، والمراد بالكفر فى الآية الكفر الذاتى الذى لا ينتفع صاحبه بالانذار ولذا حمل على الذين كفروا قوله { سوآء } مصدر بمعنى مستو سواء فيه المفرد والجمع والمذكر والمؤنث { عليهم } لا عليك فان الانذار طاعة ونافع لك سواء اثر ام لم يؤثر فانما عليك البلاغ وهم المذمومون بعدم التأثر والكلام فى ذمهم عكس قوله تعالى { سواء عليكم ادعوتموهم ام انتم صامتون } فان المراد ذم المخاطبين على ارتكاب امر لا ينفعهم { أأنذرتهم أم لم تنذرهم } الفعل الذى بعد همزة التسوية اما مؤول بالمصدر او ملحوظ فيه معنى المصدر مقطوع النظر عن النسبة التى هى جزء من معناه ولذا يحكم عليه وسواء هاهنا خبر ان وما بعد الهمزة فاعله او سواء مبتدأ لما بعده او خبر عنه والجملة خبر ان او فاعل سواء مستتر وما بعد الهمزة مفسر له { لا يؤمنون } خبر بعد خبر او مستأنف جواب للسؤال عن حالهم او دعاء عليهم او خبر ان { لا يؤمنون } و { سواء عليهم } الى الآخر حالية او معترضة.
[2.7]
{ ختم الله } خبر بعد خبر او حال او استئناف فى مقام التعليل او فى مقام الدعاء والختم الطبع ختم الكتاب والاناء وختم على الكتاب طبع عليه بخاتمه او بشيئ مثل الخاتم بحيث اذا فتح لا يمكن ختمه الا بمثل ذلك وختم الكتاب بلغ آخره فى قراءته.
تحقيق مراتب القلب واطلاقاته وتحقيق ختم القلب والبصر
{ على قلوبهم } جمع القلب والقلب يطلق على القلب الصنوبرى اللحمى وعلى النفس الانسانية التى هى برزخ بين عالم الجنة والشياطين وبين عالم الملائكة وهى التى يعبر عنها بالصدر منشرحا بالكفر او الاسلام او غير منشرح بشيئ منهما ويعبر عنها بالاعتبارات بالنفس الامارة واللوامة والمطمئنة ويطلق على المرتبة التى بين هذه النفس والعقل ويدرك الانسان فى تلك المرتبة شيئا من حقائق علومه وثمرات اعماله ويتشأن بشؤنات علومه وأعماله ولذا قيل ان القلب معدن المشاهدة اى مشاهدة شيئ جزئى من حقائق العلوم والاعمال، والى هذا اشار تعالى بقوله:
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
صفحه نامشخص