133

تفسیر بحر محیط

البحر المحيط في التفسير

پژوهشگر

صدقي محمد جميل

ناشر

دار الفكر

شماره نسخه

١٤٢٠ هـ

محل انتشار

بيروت

وَأَصْلُهَا الْوَاوُ لِأَنَّهَا مِنَ السُّمُوِّ، ثُمَّ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُفْرَدِ تَاءُ تَأْنِيثٍ. قَالُوا: سَمَاوَةٌ، وَتَصِحُّ الْوَاوُ إِذْ ذَاكَ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ عَلَيْهَا الْكَلِمَةُ، قَالَ الْعَجَّاجُ: طَيُّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا ... سَمَاوَةَ الْهِلَالِ حَتَّى احْقَوْقَفَا وَالسَّمَاءُ مُؤَنَّثٌ، وَقَدْ يُذَكَّرُ، قَالَ الشَّاعِرُ: فَلَوْ رَفَعَ السَّمَاءُ إِلَيْهِ قَوْمًا ... لَحِقْنَا بِالسَّمَاءِ مَعَ السَّحَابِ وَالْجِنْسُ الَّذِي مُيِّزَ وَاحِدُهُ بِتَاءٍ، يُؤَنِّثُهُ الْحِجَازِيُّونَ، وَيُذَكِّرُهُ التَّمِيمِيُّونَ وَأَهْلُ نَجْدٍ، وَجَمْعُهُمْ لها على سموات، وعلى اسمية، وعلى سماء. قَالَ: فَوْقَ سَبْعِ سَمَائِنَا شَاذٌّ لِأَنَّهُ، أَوَّلًا: اسْمُ جِنْسٍ فَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يُجْمَعَ، وَثَانِيًا: فَجَمْعُهُ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ لَيْسَ فِيهِ شَرْطُ مَا يُجْمَعُ بِهِمَا قِيَاسًا، وَجَمْعُهُ عَلَى أَفْعِلَةٍ لَيْسَ مِمَّا يَنْقَاسُ فِي الْمُؤَنَّثِ، وَعَلَى فَعَائِلَ لَا يَنْقَاسُ فِي فِعَالٍ. الرَّعْدُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَعِكْرِمَةُ: الرَّعْدُ مَلَكٌ يَزْجُرُ السَّحَابَ بِهَذَا الصَّوْتِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلَّمَا خَالَفَتْ سَحَابَةٌ صَاحَ بِهَا، وَالرَّعْدُ اسْمُهُ. وَقَالَ عَلِيٌّ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَالْخَلِيلُ: صَوْتُ مَلَكٍ يَزْجُرُ السَّحَابَ. وَرُوِيَ هَذَا أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْضًا صَوْتُ مَلِكٍ يَسْبَحُ، وَقِيلَ: رِيحٌ تَخْتَنِقُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ رِيحٌ تَخْتَنِقُ بَيْنَ السَّحَابِ فَتُصَوِّتُ ذَلِكَ الصَّوْتَ، وَقِيلَ: اصْطِكَاكُ الْأَجْرَامِ السَّحَابِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَرْبَابِ الْهَيْئَةِ. وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ: أَنَّهُ اسْمُ الصَّوْتِ الْمَسْمُوعِ، وَقَالَهُ عَلِيٌّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ مَلَكٌ، وَالْمَسْمُوعُ صَوْتُهُ يُسَبِّحُ وَيَزْجُرُ السَّحَابَ، وَقِيلَ: الرَّعْدُ صَوْتُ تَحْرِيكِ أَجْنِحَةِ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِزَجْرِ السَّحَابِ. وَتَلَخَّصَ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرَّعْدَ مَلَكٌ، الثَّانِي: أَنَّهُ صَوتٌ. قَالُوا: وَسُمِّيَ هَذَا الصَّوْتُ رَعْدًا لِأَنَّهُ يُرْعِدُ سَامِعَهُ، وَمِنْهُ رَعَدَتِ الْفَرَائِصُ، أَيْ حُرِّكَتْ وَهُزَّتْ كَمَا تَهُزُّهُ الرِّعْدَةُ. وَاتَّسَعَ فِيهِ فَقِيلَ: أَرْعَدَ، أَيْ هَدَّدَ وَأَوْعَدَ لأنه ينشأ عن الإيعاد. وَالتَّهَدُّدِ: ارْتِعَادُ الْمُوعَدِ وَالْمُهَدَّدِ. الْبَرْقُ: مِخْرَافٌ حَدِيدٌ بِيَدِ الْمَلَكِ يَسُوقُ بِهِ السَّحَابَ، قَالَهُ عَلِيٌّ ، أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ بِذَلِكَ الْمِخْرَافِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ: أَوْ سَوْطُ نُورٍ بِيَدِ الْمَلَكِ يَزْجُرُهَا بِهِ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَوْ ضَرْبُ ذَلِكَ السَّوْطِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَعَزَاهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَوْ مَلَكٌ يَتَرَاءَى. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوِ الْمَاءُ، قَالَهُ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو الْجَلَد جِيلَانُ بْنُ فَرْوَةَ الْبَصْرِيُّ،

1 / 136