Tafsir and the Exegetes
التفسير والمفسرون
ناشر
مكتبة وهبة
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
بها، تتركز فى القرآن نفسه وفى نصوصه نفسها. وبعبارة أوضح: فى قراءته، ففى هذه الأشكال المختلفة، نستطيع أن نرى أول محاولة للتفسير".. نعم نستطيع أن نوافقه على أن المرحلة الأولى للتفسير تتركز فى القرآن نفسه على معنى رد متشابهه إلى محكمه، وحمل مجمله على مبينه، وعامه على خاصه، ومطلقه على مقيده.. إلخ، كما تتركز فى بعض قراءاته المتواترة. وما كان من قراءات غير متواترة فلا يُعوَّلُ عليها باعتبارها قرآنًا، وإن عُوِّل على بعض منه باعتبارها تفسيرًا للنص القرآنى، نعم.. نستطيع أن نوافقه على هذا إن أراده، ولكن لا نستطيع أن نوافقه على ما يرمى إليه من إلحاد فى آيات الله، وما يهدف إليه من اتهام المسلمين بالتساهل فى قبول القراءات، وذلك حيث يقول فى صحفة (١، ٢) من الكتاب نفسه: "وقد تسامح المسلمون فى هذه القراءات واعترفوا بها جميعًا على قدم المساواة بالرغم مما قد يفرض من أن الله تعالى قد أوحى بكلامه كلمة كلمة وحرفًا حرفًا، وأن مثله من الكلام المحفوظ فى اللوح والذى تنزَّل به المَلَك على الرسول المختار يجب أن يكون على شكل واحد وبلفظ واحد" اهـ.
كما لا نستطيع أن نوافقه على ما نسبه إلى الصحابة، من أنهم هم الذين أحدثوا هذه القراءات جميعًا، ونفى كونها من كلام الله، وعلَّل ما ذهب إليه بعلل واهية لا تقوم إلا على أوهام تخيلها فظنها حقائق، وذلك حيث يقول فى صفحة (٦) بعد أن ساق هذه الآية: ﴿إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِّتُؤْمِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ .. [الفتح: ٨-٩] قال: "قرأ بعضهم بدلًا من "وتعزروه" بالراء: "وتعززوه" بالزاى، من العزة والتشريف، وإنى أرى فى الانتقال من تلك القراءة إلى هذه القراءة - وإن كنت لا أجزم بذلك - أن شيئًا من التفكير فى تصور أن الله قد ينتظر مساعدة من الإنسان قد دعا إلى ذلك، حقًا إنه قد جاءت فى القرآن آيات بهذا المعنى - سورة الحج [٤٠] ومحمد [٧] والحشر [٨] وغيرها - بَيْد أن اللفظ المستعمل فى هذه الآيات - وهو "نصر" - يقوم على أساس أخلاقى تهذيبى، وليس كالتعبير بلفظ "عزَّر" وهى الكلمة المتفقة مع اللفظ العبرى "عزار"، والتعبير بـ "عزَّر" تعبير حاد يقوم على أساس من المساعدة المادية" اهـ.
فهذا الكاتب دفعه إلى رأيه الذى رآه ولم يقطع به كما هى عادته، جهله بأساليب العرب وأفانينها فى البلاغة، فالعرب لا يفهمون من قوله تعالى: ﴿وَتُعَزِّرُوهُ﴾ - بالراء - معنى النصرة المادية، بل أول ما تصل هذه الكلمة إلى أسماعهم يعلمون أن الله يريد منهم نصر دينه ونصر رسوله، وكثير من مثل هذه العبارات وارد فى القرآن، وما
1 / 34