Tafsir and the Exegetes
التفسير والمفسرون
ناشر
مكتبة وهبة
محل انتشار
القاهرة
ژانرها
ثم إن الثعلبى لم يتحر الصحة فى كل ما ينقل من تفاسير السَلَف، بل نجده - كما لاحظنا عليه وكما قال السيوطى فى الإتقان - يكثر من الرواية عن السدى الصغير عن الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس.
كذلك نجده قد وقع فيما وقع فيه كثير من المفسِّرين من الاغترار بالأحاديث الموضوعة فى فضائل القرآن سورة سورة، فروى فى نهاية كل سورة حديثًا فى فضلها منسوبًا إلى أُبَىّ بن كعب، كما اغتر بكثير من الأحاديث الموضوعة على ألسنة الشيعة فسوَّد بها كتابه دون أن يشير إلى وضعها واختلاقها. وفى هذا ما يدل عن أن الثعلبى لم يكن له باع فى معرفة صحيح الأخبار من سقيمها.
هذا.. وإن الثعلبى قد جَرَّ على نفسه وعلى تفسيره بسبب هذه الكثرة من الإسرائيليات، وعدم الدقة فى اختيار الأحاديث، اللوم المرير والنقد اللاذع من بعض العلماء الذين لاحظوا هذا العيب على تفسيره، فقال ابن تيمية فى مقدمته فى أصول التفسير: "والثعلبى هو نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطب ليل، ينقل ما وجد فى كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع".
وقال أيضًا فى فتاواه - وقد سئل عن بعض كتب التفسير: "وأما الواحدى فإنه تلميذ الثعلبى، وهو أخبر منه بالعربية، لكن الثعلبى فيه سلامة من البدع وإن ذكرها تقليدًا لغيره وتفسيره، وتفسير الواحدى البسيط والوسيط والوجيز فيها فوائد جليلة، وفيها غث كثير من المنقولات الباطلة وغيرها".
ومَن يقرأ تفسير الثعلبى يعلم أن ابن تيمية لم يتقوَّل عليه، ولم يصفه إلا بما هو فيه.
وقال الكتانى فى الرسالة المستطرفة عند الكلام عن الواحدى المفسِّر: "ولم يكن له ولا لشيخه الثعلبى كبير بضاعة فى الحديث، بل فى تفسيرهما - وخصوصًا الثعلبى - أحاديث موضوعة وقصص باطلة".
والحق أن الثعلبى رجل قليل البضاعة فى الحديث، بل ولا أكون قاسيًا عليه إذا قلت إنه لا يستطيع أن يميز الحديث الموضوع من غير الموضوع، وإلا لما روى فى تفسيره أحاديث الشيعة الموضوعة على علىّ، وأهل البيت، وغيرها من الأحاديث التى اشتهر وضعها، وحَذَّرَ العلماء من روايتها.
والعجب أن الثعلبى بعد هذا كله يعيب كل كتب التفسير أو معظمها، حتى كتاب محمد بن جرير الطبرى الذى شهد له خلق كثير، وليته إذ ادَّعى فى مقدمة
1 / 167