Tafsir al-Uthaymin: Ghafir
تفسير العثيمين: غافر
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٧ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
الابتِداء فقَطْ، إذا قلت: باسم الله أَقرَأُ، صارَت البَسمَلة على كل الفعل، وكذلِك باسم الله أتوضَّأ صارَت البَسملة على كُل الفِعل من أوله إلى آخره، بخِلاف ما إذا قُلت: باسم الله أَبتَدِئ. فإن البَسملة تَكُون على الابتِداء فقَطْ.
هذا هو إعرابُ هذه البَسْملة.
أمَّا مَعناها: فإن (اسم) مُفرَد مُضاف، وكلُّ مُفرَد مُضاف فإنه للعُموم، أَرأَيْتم قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: ١٨]؟ فإنَّ ﴿نِعْمَةَ﴾ مُفرَد مُضاف لكن ليست نِعمة واحِدة؛ لأنَّ النِّعمة الواحِدة تُحصَى، لكنَّها نِعَمٌ كَثيرة، فتَشمَل كلَّ ما أَنعَم الله به على العَبْد، إذا كان المُفرَد المُضاف يُفيد العُموم فما مَعنى قولنا: بسم الله الرحمن الرحيم؛ مَعناها: بكلِّ اسمٍ من أسماء الله أَفعَل كذا وكذا، بكلِّ اسمٍ، فتكون أنت الآنَ مُستَعينًا بكل اسمٍ من أسماء الله على هذا الفِعْلِ الذي بَسْمَلت من أَجْله.
وأمَّا (اسم) فقيل: إنه مُشتَقٌّ من السُّموِّ، وهو الارتفاع؛ وذلك لأن الاسم يَرفَع المُسمَّى ويُبيِّنه، وقيل: إنه مُشتَقٌّ من السِّمة، وهي العَلامة، قال الله تعالى: ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾؛ أي: عَلامتهم في وجوههم، وأيًّا كان فالاسمُ يُعيِّن مُسمَّاه، ويُميِّزه من غيره.
وأسماء الله ﷾ غيرُ محَصورة بعدَد، كما جاء في الحديث الصَّحيح: "أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ" (^١).
_________
(^١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٣٩١) من حديث عبد الله بن مسعود ﵁.
1 / 36