Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٧ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
قال اللهُ تَعالَى: ﴿قَالُوْا﴾ الفاعِلُ قَومُ عادٍ وثَمُودَ.
يَقولُ المُفسِّرُ ﵀: [﴿قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ﴾ علَيْنا ﴿مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ﴾ علَى زَعمِكم ﴿كَافِرُونَ﴾ [فُصِّلَت: ١٤]]، هَذا الجَوابُ جَوابٌ غايَةٌ في السُّقُوطِ، لَو شاءَ رَبُّنا أنْ نَهتَدِيَ وألَّا نَعبُدَ إلَّا اللهَ لَأنْزَلَ مَلائِكَةً، وعلَى هَذا التَّقدِيرِ الَّذي قُلْتُ لكُم يَكونُ مَفعُولُ شاء مَحْذُوفًا؛ أيْ: لَو شاءَ ربُّنا ألَّا نَعْبُدَ إلَّا إيَّاه لَأَنزَلَ مَلائِكَةً. ف ﴿لَوْ﴾ شَرْطِيَّةٌ، و﴿شَاءَ﴾ فِعْلُ الشَّرْطِ، وجَوابُ الشَّرْطِ ﴿لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً﴾، ومَفعُولُ شاء مَحذُوفٌ، التَّقْدِيرُ: لَو شاءَ ألَّا نَعبُدَ إلَّا إيَّاهُ لَأنْزَلَ مَلائِكةً، هَذه الحُجَّةُ حُجَّةٌ باطِلةٌ؛ لِأنَّ المُرسَلَ إلَيْهم بَشَرٌ فكَيف يُنزِلُ اللهُ مَلائِكةً على بَشَرٍ؟ !
ثُمَّ إنَّ اللهَ قالَ في جَوابِ هَذا: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾ [الأنعام: ٩]، يَعنِي بِصُورَة رَجُلٍ، فَلا يُمكِنُ أنْ نُنزِّل مَلَكًا بِصُور المَلَك على بَشَرٍ، ولَو فُرِضَ أنَّ اللهَ أنْزَلَ مَلَكًا لجَعلَه بصُور البَشَرِ، وحِينَئِذٍ تَعُودُ الشُّبْهةُ ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ [الأنعام: ٩]، أرَأيْتُم لَو أَرْسَلَ الله إلَى بَنِي آدَمَ جِبرِيلُ ولَه لِستُّ مِائةِ جَناحٍ قَدْ سدَّ الأفقَ، أَيَتَطابَقُ هَذا مَع النَّاسِ؟ أَبَدًا، بلْ يَهرَبون مِنه ولا يَقِفون أمامَه، فَإِذا كان كذَلِك بَطَلَتْ هَذه الحُجَّةُ؛ لأَنَّنَا نَقولُ لِهَؤُلاء ولَمِن قال مِثلَ قَولهِم: لَو أنْزَل اللهُ مَلَكًا لجَعَلَه رجُلًا، وحِينَئذٍ تَعودُ الشُّبهَةُ، إذَن الحُجَّةُ باطِلةٌ.
وقَولُه: ﴿قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ الفاءُ هُنا للتَّفريعِ؛ أيْ: فبِناءً على أَنَّه لمْ يُنزِلْ مَلائِكةً إنَّا بما أُرسِلْتم به كافِرون - نَسْألُ اللهَ العافِيةَ! - أكَّدُوا كُفرَهم وقالُوا: ﴿بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾، فقَدَّم المَفعُولَ؛ لأنَّ ﴿بِمَا أُرْسِلْتُمْ﴾ مُتعلِّقٌ بـ ﴿كَافِرُونَ﴾، وقُدَّمَ علَيه؛ لِوجهَيْن:
الوَجْهُ الأوَّلُ: مُراعاةُ فَواصِلِ الآياتِ؛ فلَو قال: فإنَّا كافِرُون بما أُرسِلْتم بِه
1 / 91