Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٧ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
الأرْضُ؛ لأنَّ اللهَ تَعالَى قال: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾ [هود: ٧] فَكَان قَبْل خلْقِ السَّمواتِ والأرْضِ ماءٌ فوْقه عرْشُ الرَّحمَنِ ﷿ ثمَّ خُلِقتِ الأرْضُ، وقدِ انْدَفعَ مِن هَذا الماءِ بُخارٌ مُتصاعِدٌ كَثِيفٌ صار مِثلَ الدُّخانِ.
وقولُه: [﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا﴾ إلَى مُرادي مِنكُما ﴿طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾ في مَوضِعِ الحالِ أيْ: طائِعتَيْن أو مُكرَهتيْن ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا﴾ بمَن فِينا ﴿طَائِعِينَ﴾، إلَى آخِرِه. قوْله: ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا﴾ هَذا الأمْرُ هَل هُو أمْرُ تَكوِينٍ أو أمْرُ تَكلِيفٍ؟
الجَوابُ: إنْ قُلْنا: إنَّه تكلِيفٌ، لَم يَكُن هُناكَ فرْق بيْن أنْ يكُونَا طائِعتَيْنِ أو مُكرهتَيْن؛ وظاهِرٌ أَنَّه أمْرُ تكلِيفٍ؛ ولِهَذا قال: ﴿طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾.
وإنْ قُلنا: إنَّه أمْرُ تَكوِينٍ فإنَّه لا يسْتَقيمُ أنْ يكُونَ طوْعًا أو كرْهًا؛ لأنَّ أمْرَ التَكوينِ كائِن لا مَحالةَ.
فالظاهرُ - واللهُ أعلم - أَنَّه أمْرُ تكلِيفٍ، وللهِ تَعالَى أنْ يُكلِّفَ ما شاء مِن خلْقِه.
يَقولُ المُفسِّرُ ﵀: [﴿قَالَتَا أَتَيْنَا﴾ بمَن فِينا ﴿طَائِعِينَ﴾]، احْتاجَ المُفسِّرُ إلَى أنْ يُقدِّرَ "بمَن فِينا" لِوَجْهيْن:
الوَجْهُ الأوَّلُ: أنَّ ﴿طَائِعِينَ﴾ جمْعٌ، ﴿قَالَتَا﴾ مُثنَّى، ولا مُطابَقةَ بيْن المُثنَّى والجَمْعِ، ولَو أرادَ المُطابَقةَ لقال: "قالَتا أتيْنا طائِعتيْن".
الوَجْهُ الثَّاني: أَنَّه جمَعَه بالمُذكَّرِ العاقِلِ، فكان لا بُدَّ أنْ يُقدَّرَ بـ "مَن فِينا" لِيَدخُلَ فِيهِ العُقَلاءُ، وَيكونُ هَذا مِن بابِ التَّغلِيبِ.
وقولُه ﵀: [فِيه تَغلِيبُ المُذكَّرِ العاقِلِ] ذَكَرْنا فِيما سبَقَ أنَّه غلَّبَ المُذكَّرَ
1 / 75