Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٧ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
الزَّكاةِ ... " (^١)، وهَذا يدُلُّ على أنَّ الزَّكاةَ لا يُخاطَبُ بِأدائِها الإنسانُ إلَّا بعْدَ أنْ يُسلِمَ.
أمَّا إذا قُلنا: إنَّ المُرادَ بالزَّكاةِ زكاةُ النَّفسِ، فإنَّه لا يَرِدُ على هذا إشْكالٌ، لكنْ يَرِدُ على هذا إشكالٌ مِن جِهةِ اللَّفْظِ، وهُو قولُه: ﴿لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾ فهَلْ زكاةُ النَّفسِ شيْءٌ يُعطَى؟ هذا محَلُّ نظَرٍ؛ ولذَلك الآيةُ فِيها إشْكالٌ، سَواءٌ فسَّرْتها على هَذا أو على هذا، وإذا كانَ فيها إشْكالٌ بيْن معنيَيْن، فإنَّنا نَطْلُبُ المُرجِّحَ. والرَّاجِحُ: أنَّ المُرادَ بها زَكاةُ النَّفسِ، والمَعْنَى: لا يُؤتُون أنفُسَهم زَكاتَها، وفِي الحَدِيثِ: "آتِ نفسِي تقْواها، وزَكِّها أنت خيرُ مَن زَكَّاها" (^٢)؛ فعلى هذا نرجِّحُ أنَّ المُرادَ بالزَّكاةِ زكاةُ النَّفْسِ، وَيكونُ المَعْنى: لا يُؤتُون أنْفُسَهم زَكاتَها، بلْ يُهمِلُونها ويَغفُلون عنْها.
وقولُه: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ "هُم بالآخِرَة": "بالآخِرَةِ" جارٌّ ومجرُورٌ مُتَعلِّقٌ بـ"كافِرُون"، و"هُم": مُبتَدَأٌ؛ و"هُمْ" هي الثَّانيَةُ، ويقُولُ المُفسِّرُ ﵀: [تَأكيدٌ]؛ أي تَأكِيدٌ لفظيٌّ لـ"هم" الأولَى، والتَّأكِيدُ اللَّفْظيُّ أنْ تُعادَ الكَلِمةُ بِلفْظِها، كما قالَ ابنُ مالِكٍ ﵀ (^٣):
ومَا مِنَ التَّوكيدِ لفظِيٌّ يَجِي ... مُكَرَّرًا كقَوْلِكَ ادْرُجي ادْرُجي
وقولُه: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾ أي: جاحِدُون لها غيرُ مُؤمِنين بِها، يَقولُون: ﴿مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾ [الجاثية: ٢٤] يَعنِي: يَمُوتُ قَومٌ ويَحيا آخرُون وما يُهلِكنا إلَّا الدَّهرُ ولا بَعْثَ ولا حِسابَ.
_________
(^١) أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، رقم (١٣٩٥)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، رقم (١٩)، من حديث ابن عباس ﵁.
(^٢) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٢٠٩)، من حديث عائشة ﵂.
(^٣) الألفية (ص: ٤٦).
1 / 38