187

Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat

تفسير العثيمين: فصلت

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٧ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

الشَّيطانَ إلَّا باللُّجوءِ إلى اللهِ ﷿ إذ إنَّ الشَّيطانَ ليس أَمامَك حتَّى تَلوِيَ عُنقَه وتَقتُلَه، ولكنَّه لا يَدفَعُه إلَّا اللهُ ولهذا قال: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ﴾، فالمُناسَبةُ بين هذه الآيَةِ والَّتي قَبلَها أنَّه لمَّا ذَكرَ مُدافعَةَ العَدُوِّ مِن بَني آدمَ ذَكَرَ مُدافعَةَ العَدُوِّ من غَيرِ بَني آدمَ فقال: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾.
يَقولُ المُفسِّرُ ﵀: [﴿وَإِمَّا﴾ فيه إِدغامُ نونِ (إنِ) الشَّرطيَّةِ في (ما) الزائدَةِ].
﴿وَإِمَّا﴾ أَصلُها: وإنْ يَنزَغنَّك، لكن (ما) الزَّائدَةَ تُزادُ كَثيرًا في أدواتِ الشَّرطِ كقَولِه هنا: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ﴾، وكقَولِه تَعالى: ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾.
﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ﴾ يَعني: إنْ يَنزَغْك مِن الشَّيطانِ نَزغٌ فاستَعِذْ باللهِ. يَقولُ المُفسِّرُ ﵀: [أي: يَصرِفُك عنِ الخِصلَةِ وغَيرِها مِنَ الخَيرِ صارفٌ ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾].
المفسِّر ﵀ إذا نَظرنا إلى تَفسيرِه وجَدْناه يَقْصُرُ هذه الآيَةِ على شَيءٍ مُعيَّنٍ وهو: إنْ صَرَفَك الشَّيطانُ عَنِ المُدافعَةِ بالَّتي هي أَحسنُ فاستَعِذْ باللهِ، والصَّوابُ خِلافُ ذلك، الصَّوابُ أنَّ الآيَةَ عامَّةٌ، ولهذا قال: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ﴾ أي: يُصيبَنَّك مِن الشَّيطانِ نَزغٌ، -نَزغٌ- نَكِرَةٌ في سياقِ الشَّرطِ فتكونُ عامَّةً سَواءَ كان في المُدافعَةِ بالَّتي هي أحْسَنُ أو غَيرَ ذلك، كُلَّما أَصابَك نَزغٌ مِنَ الشَّيطانِ فاستَعِذْ باللهِ، ولهذا أَمَرَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وعلى اله وسلَّم- الَّذي شَكا إليه الوَسوسَةَ في الصَّلاةِ أَمَرَه بأنْ يَستَعينَ باللهِ قال: يَتفُلُ عن يَسارِه ثَلاثًا ويَستعيذُ باللهِ (^١).
المُهِمُّ أنَّه متى نَزَغَك مِنَ الشَّيطانِ نَزغٌ فَالجَأْ إلى مَن يَستطيعُ دَفعَه، وهو اللهُ ﷿ ولكن كيف أَعرِفُ أنَّ الشَّيطانَ نَزَغَ أحدًا؟ ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ

(^١) أخرجه مسلم: كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة، رقم (٢٢٠٣)، من حديث عثمان بن أبي العاص ﵁.

1 / 191