269

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

وِمثل هَذِهِ الصّفَات تُفيدنا في العِلم وَالعَمَل؛ لأن دَأْبَ الصَّحَابَة رَضِىَ اللَّهُ عَنهمُ فعن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: إِنَّا أَخَذْنَا الْقُرْآنَ عَنْ قَوْمٍ، فَأَخْبَرُونَا أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا عَشْرَ آيَاتٍ، لَمْ يجاوِزُوهُنَّ إِلَى الْعَشْرِ الأُخَرِ حَتَّى يَعْمَلُوا مَا فِيهِنَّ مِنَ الْعِلْمِ، فتعَلَّمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا (^١).
وأكثرُ النَّاس إذَا قَرَأَ مِثل هَذِهِ الآيَاتِ قال: يَا اللَّه، مَا أَحسَنَ صفاتِهم! وما أجملَ أفعالَهم! وَهَذَا غَايَةُ مَا يَسْتَفِيد مِنَ الآيَة، وَلَكنَّ هَذَا مَا يَكفي، المَقصود مِن ذِكر هَذِهِ الأَوصَافَ الحميدة، سَوَاءٌ كَانَت عَلى سَبيل الإخبَار عَنِ الحَال، أَو عَلى سَبيل القَصص، فالغَرَضُ منهَا هُوَ أَنْ يَعتَبرَ الإِنْسَان بما حَصَل، قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف: ١١١].
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: الثَّناء عَلَى مَن أَعرَضَ عَنِ اللَّغْو، لقوله: ﴿وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّه يَنبَغي الإعرَاضُ عَنِ اللَّغو، وهو الكَلَامُ الَّذي لَا فَائد فيه، وَلَا خَيْرَ منه، والفِعل يُقَاس عَلَيه، فَلَا يَنبَغي للإنسَان أَنْ يُمْضِيَ وقتَهُ في أفعالٍ لَا خَيرَ فيهَا.
واعلَمْ أَنَّ الخيرَّية ذاتِيَّةٌ وعَرَضِيَّة، بمَعنَى أَنَّه قَد يَكون الشَّيء خَيرًا في ذَاتِه، وَقَد يَكون خَيرًا لِغَيْرِه؛ لِعَارِضٍ يَعْرِض لَهُ.
فمَثلًا: الصلاة خيرُها ذاتي، والسعيُ إليها خَيْرُه عَرَضي؛ لأن مُجَرَّدَ المشي لَيسَ

(^١) أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها، رقم (٢٥٥).

1 / 273