Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
وعلى مذهب الكوفيين تَكون اللَّام هي الناصبة، لكنَّ البصريين أَدَقُّ منهم في هَذِهِ الناحية، بل حَقيقَة الأَمر أَنَّ اللام حَرف جَرٍّ، وأنَّ (أَنْ) هي الناصبة مُقَدَّرة، ومُتعلق ﴿لِتُنْذِرَ﴾ المحذوف الذي قدَّره المُفَسِّر ﵀ [أَرْسَلْنَاكَ].
قوله تعالى: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا﴾ الإنذار هو الإعلام بما يخَاف، والإعلام بما يرغَب يسَمى بِشارة، أو تبشيرًا، وقوله: ﴿قَوْمًا﴾ المراد بهم قريش، وَلَا يَعني ذَلكَ أَنَّ الرَّسُول ﷺ مبعوث إلَيْهِم خاصَّة، ولكن لأنَّ أوَّلَ مَن أَنْذَرَهُم كانت قريش، وإلَّا فَقَدْ بُعث لهم ولغيرهم، قَالَ ﵎: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ﴾ [الفرقان: ١]، مِن قريش وغيرهم.
قوله تعالى: ﴿مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾: ﴿مَا﴾ نافِيَة، و﴿أَتَاهُمْ﴾ بمعنى: جاءهم، و﴿مِنْ﴾ حَرف جَرٍّ زائدٌ؛ إعرابًا لا مَعْنًى، و﴿نَذِيرٍ﴾ فاعلُ (أتى)، يعني: ما جاءهم نذيرٌ، وفائدة زيادة ﴿مِنْ﴾ أنَّ التنصيص على العُموم، في كل الأزمان الماضية ما أتاهم أَحَدٌ يُنذرهم قَبْلَ الرَّسول ﷺ، وقوله: ﴿مَا أَتَاهُمْ﴾، والجملة في محل نَصْبٍ صِفَةٌ لـ ﴿قَوْمًا﴾.
وقوله: ﴿مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [وَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ]، هَذَا تَفسير القوم، وَهَذَا لَا يُنافِيه أن إسماعيلَ ﵊ قد أتاهم قَبْلَ النَّبيّ ﷺ، فَقَد يَكون قد طال العهد، حتى انْمَحَتْ رسالة إسماعيل، فصاروا محتاجين إلى نذير، ولم يأتهم نذير، فأتاهم رَسولُ اللَّه ﵊ بَعدَ أَنِ انقرضت مَعَالِمُ رسالة إسماعيلَ، وإلَّا فلا ريب أَنَّ إسمَاعيلَ مُرْسَل إلَيْهِم؛ لأنَّهُ نبي، ولكنه انقرض، وَلهَذَا كَانَ مِن دعاء إسماعيل وإبراهيم أنهم قالوا: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٢٩].
1 / 220