Tafsir Al-Uthaymeen: Saba
تفسير العثيمين: سبأ
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
يَعنِي: أن الله يَحُثُّهم على أن يَتَفَكَّروا حَثًّا يُراد به التَّهديدُ، فالرُّؤيةُ هنا شامِلة لرُؤْية النَّظَر بالعَيْن ورُؤْية القَلْب بالتَّفكُّر.
وقول المُفَسِّر ﵀: [﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ مَا فَوْقَهُمْ وَمَا تَحْتَهُمْ]، أيُّهما الذي بين الأَيدي على كلام المُفَسِّر ﵀ بِناءً على أنه لَفٌّ ونَشْرٌ مُرتَّب؛ يَكون ما فَوقَهم هو الذي بين أَيْديهم وما خَلْفهم هو الذي تَحتَهم.
وَلَكِنْ قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: إنَّ هذا صَرْفٌ للكلام عن ظاهِرِه بلا دَليلٍ، بل نَقول: ما بين أَيْديهم، أي: ما أَمامَهم وما خَلْفَهم ما وراء ظُهورِهم. فيَحتَمِل أنَّ المُراد بما بين أيديهم أمامَهم من الزَّمَن، ويَحتَمِل أن يَكون المُراد ما بين أَيْديهم أيِ: المَكان، وكذلك نَقول فيما خَلْفَهم.
فقد يَكون ما بين اليَدِ هو ما أَمامَك من الزمان وما خَلْفك ما خَلَّفْتَه من الزمان، كما في قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، أي: ما بين أيديهم ما يُستَقبَل، وما خَلْفَهم ما مَضَى، وقد يَكون المُراد به المَكانُ، كما تَقول: مرَرْتُ بين يَدَيِ المُصلِّي. أي: أَمامَه، وتَقول: المأمومُ يَقِف خَلْف الإِمام. أي: وراءَه في المَكان.
وأمَّا في قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ نَقول فيها: يَحتَمِل أن يَكون المُراد فيها المكان، ويَحتَمِل أن يَكون المُراد الزمان، والمُراد أن يَتَفَكَّروا في الأمر: هل نَجا أحدٌ من عذاب الله؟ انظُرْ ما بين يَدَيْك في المَكان، أو ما بين يَدَيْك في الزمان، وما خَلْفك من المكان أو الزمان: هل نَجا أَحَد من عذاب الله؟
والجوابُ: لا، لم يَنْجُ، إِذَنْ: هم أيضًا لا يَنْجُون من عذاب الله تعالى.
1 / 79