Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma
تفسير العثيمين: جزء عم
ناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
محل انتشار
الرياض
ژانرها
﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَآئِقَ وَأَعْنَبًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَاّيَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَبًا * جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَابًا﴾ .
ذكر الله ﷿ ما للمتقين من النعيم بعد قوله: ﴿إن جهنم كانت مرصادًا. للطاغين مآبًا﴾ . لأن القرآن مثاني إذا ذكر فيه العقاب ذكر فيه الثواب، وإذا ذكر الثواب ذكر العقاب، وإذا ذكر أهل الخير ذكر أهل الشر، وإذا ذكر الحق ذكر الباطل، مثاني حتى يكون سير الإنسان إلى ربه بين الخوف والرجاء؛ لأنه إن غلب عليه الرجاء وقع في الأمن من مكر الله، وإن غلب عليه الخوف وقع في القنوط من رحمة الله، وكلاهما من كبائر الذنوب، كلاهما شر، قال الإمام أحمد بن حنبل ﵀: «ينبغي أن يكون الإنسان في عبادته لربه بين الخوف والرجاء، فأيهما غلب هلك صاحبه» . لذلك تجد القرآن الكريم يأتي بهذا وبهذا، ولئلا تمل النفوس من ذكر حال واحدة والإسهاب فيها دون ما يقابلها. وهكذا، لأجل أن يكون الإنسان حين يقرأ القرآن راغبًا راهبًا، وهذا من بلاغة القرآن الكريم.
﴿إن للمتقين مفازًا﴾ المتقون هم الذين اتقوا عقاب الله، وذلك بفعل أوامر الله واجتناب نواهيه، وأحيانًا يأمر الله بتقواه، وأحيانًا يأمر بتقوى يوم الحساب، وأحيانًا يأمر بتقوى النار، قال الله تعالى: ﴿واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار﴾ [آل عمران: ١٣١] . فجمع بين الأمر بتقواه والأمر بتقوى النار، وقال تعالى: ﴿واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله﴾ [البقرة: ٢٨١] . فأمر بتقوى يوم الحساب، وكل هذا يدور على معنى واحد وهو: أن يتقي الإنسان محارم ربه فيقوم بطاعته وينتهي عن معصيته، فالمتقون هم الذين قاموا بأوامر الله واجتنبوا نواهي الله،
1 / 34