Tafsir Al-Uthaymeen: Juz' Amma
تفسير العثيمين: جزء عم
ناشر
دار الثريا للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الثانية
سال انتشار
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
محل انتشار
الرياض
ژانرها
الرسل وصبرهم على قومهم ما صبروا على هذا الأمر، ثم إن قومهم المكذبين لهم لم يقتصروا على هذا بل آذوهم بالفعل كما فعلوا مع الرسول ﵊ من الأذية العظيمة بل آذوهم بحمل السلاح عليهم، فمن كانت هذه حاله فجزاؤه جهنم جزاءً موافقًا مطابقًا لعمله كما في هذه الآية الكريمة: ﴿جزاء وفاقًا. إنهم كانوا لا يرجون حسابًا. وكذبوا بآياتنا كذابًا﴾ . قوله تعالى: ﴿وكل شيء أحصيناه كتابًا﴾ ﴿كل شيء﴾ يشمل ما يفعله الله ﷿ من الخلق والتدبير في الكون، ويشمل ما يعمله العباد من أقوال وأفعال، ويشمل كل صغير وكبير ﴿أحصيناه﴾ أي ضبطناه بالإحصاء الدقيق الذي لا يختلف.
﴿كتابًا﴾ يعني كتبًا، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الله تعالى كتب مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة، (^١) ومن جملة ذلك أعمال بني آدم فإنها مكتوبة، بل كل قول يكتب، قال الله تعالى: ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾ [ق: ١٨] . رقيب يعني مراقب، والعتيد يعني الحاضر. ودخل رجل على الإمام أحمد ﵀ وهو مريض يئن من مرضه فقال له: يا أبا عبد الله إن طاووسًا وهو أحد التابعين المشهورين يقول: إن أنين المريض يكتب، فتوقف ﵀ عن الأنين خوفًا من أن يكتب عليه أنين مرضه. فكيف بأقوال لا حدّ لها ولا ممسك لها، ألفاظ تترى طوال الليل والنهار ولا يحسب لها الحساب، فكل شيء يكتب حتى الهم يكتب إما لك وإما عليك، من همّ بالسيئة فلم يعملها عاجزًا عنها فإنها تكتب عليه، وإن هم بها وتركها لله فإنها تكتب له، (^٢) فلا يضيع شيء كل شيء أحصيناه كتابًا.
_________
(^١) أخرجه مسلم، كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى صلى الله عليهما وسلم (٢٦٥٣) .
(^٢) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة (٦٤٩١)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب (٢٠٣) (١٢٨) .
1 / 32