Tafsir Al-'Uthaymeen: Faatir

Muhammad ibn al-Uthaymeen d. 1421 AH
65

Tafsir Al-'Uthaymeen: Faatir

تفسير العثيمين: فاطر

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّ الرَّسُول ﷺ لا يَحْزَنُ لِعَدَمِ إيمانهم أو طاعَتَهِم لمصلحته هو ولَكِنْ لمِصْلَحَتِهم؛ لِقَوْله تعالى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾. الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَشَرٌ يتأثَّر بما يتأثَّرُ به البشر من أَسْبَاب الفَرَحِ وأَسْبَاب الحُزْن، وهذا أمرٌ واقِعٌ، وقد قالت عائِشَةُ ﵂: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَسْرُورٌ، فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا المُدْلجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ" (^١). ففَرِحَ ﷺ حتى ظهر ذلك على وَجْهِه؛ فالأَعْراضُ البَشَرِيَّة من الفَرَح والحُزْن، والغَمِّ والإسْتِبْشارِ، والنِّسيان وعَدَمِ العِلْم، وغير ذلك تطرأ على النَّبِيِّ ﷺ كغيره من البَشَر؛ لأنَّه لا يتمَيَّز عن البَشَرِ إلا بشَيْء واحد وهو الوَحْيُ، قال الله ﷿: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ [الكهف: ١١٠] وكَلِمَة ﴿بَشَرٌ﴾ تُغْنِي عن ﴿مِثْلُكُمْ﴾ لكن هذا من باب التَّأْكيدِ؛ لئلَّا يَذْهَبَ ذاهِبٌ إلى أنَّه بَشَرٌ قد خُصِّصَ بشَيْءٍ، فقال: ﴿بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ ثم ذكَرَ المَيْزَة فقال: ﴿يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ وفي هذا ردٌّ واضِحٌ على أولئك القَوْمِ الذين يدَّعُون أنَّ للنبي ﷺ تأْثيرًا في الخَلْقِ كتأثير رُبوبِيَّةِ الله ﷿؛ لأنَّه لو كان كذلك ما ذَهَبَتْ نَفْسُه عليهم حَسَراتٍ، ولهداهم وسَلِمَ من هذه الحَسَراتِ التي تكون على نَفْسِه. الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: إثبات عِلْمِ الله ﷿ لِكُلِّ ما نَعْمَلُ؛ لِقَوْله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب صفة النبي ﷺ، رقم (٣٥٥٥)، ومسلم: كتاب الرضاع، باب العمل بإلحاق القائف الولد، رقم (١٤٥٩).

1 / 69