Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar
تفسير العثيمين: الزمر
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
الفائِدَة الثانية: قوَّةُ الانتباه؛ لأنَّ الآية إذا كان فيها شيءٌ مَحْذوف، فإن الذِّهْنَ يتطَلَّعُ إلى هذا الشَّيْء المحْذوفِ، فتَجِدُ الإنسانَ يَتَوَقَّف ليُفَكِّرَ ويتأمَّل: ما الذي حُذِفَ وما تقديره؟
لكن لو جاء الكلام مُرْسَلًا هكذا لم يحصل له هذا التَّوَقُّف وهذا التَّفكير، فأنت الآن لو قَرَأْتَ الآية الكريمة: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ﴾ [الزمر: ٩] لوَجَدْتَ نفسك متشَوِّفًا إلى شيء آخر، فالكلام ما تَمَّ، ولا بدَّ أنَّ هناك شيئًا آخَرَ، وحينئذٍ يشتَدُّ انتباهُكَ، وتزدادُ تأمُّلًا في المعنى؛ ولأنَّ هذا المحذوفَ لا بدَّ منه، فالإنسانُ يتطلَّع: ما هذا المحذوفُ؟ فالكلامُ الآن ناقص.
بمعنى أنَّ الكلام يحتاجُ إلى شيء، فيتطَلَّع الإنسان إلى مَعْرِفَة هذا الشَّيْء، وحينئذٍ يزدادُ في التَّدَبُّر، فهذا من بلاغة القرآن؛ أعني: يَحْذِفُ الله ﷿ أحيانًا أشياءَ يَحْتاجُ المخاطَبُ إليها؛ من أجل هاتين الفائدتين.
قال المُفَسِّر ﵀: [وفي قراءة: أَمْ مَنْ] من اصطلاح المُفَسِّر ﵀ أنه إذا قال: [في قراءَةٍ] أو قال: [بِفَتْحِ كذا وضَمِّ كذا] أو قال: [بالتاء والياء]، فإن القراءة سَبْعِيَّة، وأحيانًا يُعَبِّر فيقول: [وقُرِئَ] فالقراءة شاذَّة غيرُ سَبْعِيَّة.
فإذا أتى بقراءتينِ مُتَساويَتَيْنِ مثلًا يقول: [في قراءةٍ] أو: بالضم والفتح أو بالياء والتاء، وما أشبه ذلك من القراءات، فالقراءة سبعية، أما إذا قال: [وقُرئ] بصيغة المبني للمَجْهول فالقراءة شاذَّة.
بناءً على هذه القاعدة: تكون القراءة (أَمْ مَنْ) سبعية؛ لأنَّه قال: [وفي قراءةٍ:
1 / 101