332

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

وقوله تعالى: ﴿مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أي: في الذي يَختَلِفون فيه، وقد جاءت الآية هكذا: ﴿مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾، وقد قال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: ١٠]، فيَشمَل ما يَختَلِفون فيه من أمور الدِّين وأُمور الدنيا أيضًا، فكل ذلك سَوْف يَحكُم الله تعالى فيه بحُكْمه العَدْل الذي ليس فيه حَيْفٌ على أحَد.
قال المُفَسِّر ﵀: [﴿فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ من أَمْر الدِّين اهدِني لما اختُلِف فيه من الحَقِّ]، ولكنَّ هذا التَّقديرَ فيه نظَر؛ لأن المُراد بالآية: تَفويض الأمر إلى الله ﷿، وشِكاية هؤلاء إليه: الذين إذا ذُكِر الله تعالى اشمَأزَّت قلوبُهم، وإذا ذُكِر الذين من دونه إذا هُمْ يَستَبشِرون. وليس المَقام مَقامَ دُعاء، وإنما كان النبيُّ ﷺ يَقول هذا الدعاءَ في استِفْتاح صلاة الليل (١).
فائِدةٌ: المُضاف إلى الله تعالى قد يُضاف إلى الله ﷿ إضافةَ خَلْق وتَكوين وقد تَكون إضافة تَشريف، فهنا قال تعالى: ﴿أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ﴾ فالعِبادُ عامٌّ، فإذا كان عامًّا صار المُرادُ الخَلْقَ والتَّكوين وإذا كان خاصًّا يَعنِي: أُضيفتِ العُبودية لشخص مُعيَّن أو لجماعة مَوْصوفين بصِفة فهذا للتَّشريف.
وفي قوله تعالى: ﴿أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ عِندي في نُسخَتي (فِي) مَفصولة عن (ما)، وتُرسَم أيضا مُتَّصِلة على القاعِدة، فالقاعِدة أخيرًا: أنها مَفصولة، لكن لعلَّ القاعِدة التي عليها المُفسِّر هي في المُصحَف الأوَّل، يَعنِي: في القاعِدة الأُولى، وقد اختَلَف العُلَماء ﵏: هل تَجوز مُخالَفة القاعِدة العُثْمانية؟

(١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (٧٧٠)، من حديث عائشة ﵂.

1 / 336