250

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

ثُمَّ قال تعالى: ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: هنا الخِطاب [للنبيِّ]ﷺ ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ﴾ وعَطَف (يُخوِّفونك) الخاصَّ بالرسول ﷺ لا يَقتَضي تَخصيص اللَّفْظ العامِّ قبلَه، وقد تَقدَّم مثلُ هذا كثيرًا؛ يُذكَر لفظٌ عامٌّ، ثُمَّ يُذكَر حُكْم يَختَصُّ ببعض أفراده.
قُلنا: إن هذا لا يَقتَضي التخصيص، ومن ذلك حديث: "قضَى النبيُّ ﷺ بالشُّفْعةِ في كُلِّ ما لَمْ يُقسَمْ" (١)، فكونه قَضَى في كُلِّ ما لم يُقسَم، في كل الذي لم يُقسَم عامٌّ، (فإذا وقَعَتِ الحُدودُ وصُرِفت الطُّرُق فلا شُفعةَ)، هذا حُكْم يَختَصُّ ببعض أحكام العامِّ بالأراضي، فهنا نَقول: إن الأوَّل عامٌّ، وذِكْر بعض أفراد العامِّ وذِكْر حُكمٍ يَختَصُّ ببعض أفراد العامِّ لا يَقتَضي التخصيص.
ومثله أيضًا في القُرآن: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ إلى أن قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ فالمُطلَّقات عامٌّ، وبُعولتُهن حُكْمٌ يَختَصُّ ببعض أفراد هذا العامِّ، أمَّا الفَرْد الذي يَختَصُّ به فإنه (الرَّجعية)؛ ونَقول: إن قوله ﷾: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ هذا عامٌّ، فالمَعروف عند أهل العِلْم ﵏ أنه عامٌّ، المُطلَّقات اللاتي طُلِّقن بطلاقٍ بائِن أو بطلاقٍ رَجْعيٍّ.
وهنا هذا المِثالُ في القُرآن هل يَنطَبِق عليه أو لا؛ أي: قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾؟
الجَوابُ: يَنطَبِق عليه، فقوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ عامٌّ، ولم يَقُلْ: أَلَيْس اللهُ بكافِيكَ ويُخوِّفونك.

(١) أخرجه البخاري: كتاب البيوع، باب بيع الشريك من شريكه، رقم (٢٢١٣)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب الشفعة، رقم (١٦٠٨)، من حديث جابر ﵁.

1 / 254