Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar
تفسير العثيمين: الزمر
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
وكذلك المرأة التي كانت تُسْتَحاضُ فتظُنُّ أن هذا حَيْضٌ فلا تُصْلي (١)، فلم يأمُرْها النَّبِي ﷺ بالإعادة، وأمثالُ هذا كثير.
وعليه فلو أنَّ رجلًا أسلمَ في بلاد الكُفْر أو في بلادٍ نائِيَة لا يَصِلُها أحكامُ الشَّرْع وترَك الصَّلاةَ مُدَّة، ثم علم بعد ذلك بوجوبِ الصَّلاة؛ فإننا لا نأمره بإعادَةِ ما ترك، وإنما نأمُرُه بصلاةِ ما حَضَر وَقْتُه فقط.
وكذلك لو كانت امرأةٌ في محلٍّ ناءٍ، بلغَتْ بالحَيْضِ وهي صغيرة ولم تَصُم رمضان، ولكنها في محلٍّ ليس حولَها علماءُ تَسْألُهُم قد غلب عليها الجَهْل - كالبادِيَة مثلًا - فإننا لا نأمرها بقضاءِ ما تركت من الصَّوْم للجَهْل.
وهذا هو اللَّائِقُ بالشَّريعة الإسلاميَّة المبْنِيَّة على اليُسْر والسُّهولة، وعلى أنَّ الله تعالى لا يكلِّف نفسًا إلا وُسْعَها، ولا يكلِّفُ نَفْسًا إلَّا ما آتاها، ويمكن أن يكون في الآية إشارةٌ إلى ذلك، فلما ذكر ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ ﴿فَاعْبُدِ﴾ فبعد الإنزال أَمَرَ بالعبادة.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: وجوبُ الإخلاصِ للهِ في العِبادة؛ لقوله: ﴿مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ والإخلاص تَنْقِيَةُ الشَّيْء ممَّا يَشُوبُه؛ ولهذا جاء في الحديث الصَّحيحِ أنَّ الله تعالى قال: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيْرِي ترَكْتُهُ وَشِرْكَهُ" (٢).
_________
(١) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٤٣٩)، وأبو داود: كتاب الطهارة، باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، رقم (٢٨٧)، والترمذي: كتاب الطهارة، باب في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد، رقم (١٢٨)، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب ما جاء في البكر إذا ابتدئت مستحاضة، رقم (٦٢٧)، من حديث حمنة بنت جحش ﵂.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (٢٩٨٥)، من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 26