Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar
تفسير العثيمين: الزمر
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
الإنسان ممَّا لو كان في طرَف آخَرَ، لكن الذي يَظهَر لنا: أن سوء العَذاب ليس على اسمِ تَفضيل، ولكنه من باب إضافة الصِّفة إلى مَوْصوفها، يَعنِي: العَذاب السيِّئ.
ومن هذا البابِ أيضا كلِمتا (خَيْر) و(شَر) تُطلَقان على باب اسم التَّفضيل إذا قلت: هذا خيرٌ من هذا وهذا شَرٌّ من هذا. وقد تُطلَقان ويُراد بها الوَصْف بالشَّرِّ فقط، كما تَقول: (هذا شرٌّ)، (هذا خَيْر).
وقول المُفَسِّر ﵀: [بأن يُلقَى في النار مَغلولةً يَدُه إلى عُنُقه] كأنه أُخِذ من كونه يَتَّقي العَذاب بوَجهه؛ لأنه لو كانت يَدُه مُطلَقة لاتَّقَى العَذاب بيده، ولكنِّي أَقول: لا يَلزَم منِ اتِّقاء العَذاب بوَجْهه أن تُغَلَّ يدُه؛ لأن يدَه قد تَكون مُرسَلة غير مُقيَّدة، ولكن لا يَستَطيع أو يَظُنُّ أن مُدافعته بوجهِه أشَدُّ، فيُدافِع بوجهه.
قال المُفَسِّر ﵀ في جواب الشَّرْط في ذِكْر المُعادِل: [كمَن أمِن منه في دُخول الجَنَّة؟].
والجَوابُ: لا، وحينئذٍ يَكون الاستِفْهام للنَّفيِ، يَعنِي: لا يَستَوي مَن يَتَّقِي بوَجْهه سُوء العذاب مع من أمِن العَذاب ولم يَتَّقِه ثُمَّ قال ﵀: [﴿وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ﴾ أي: كُفَّار مَكَّةَ ﴿ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ أي: جزاءَهُم]؛ وقوله: [﴿لِلظَّالِمِينَ﴾ أي: كُفَّار مكَّةَ] كأنه أَخَذه من قوله تعالى: ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وإلَّا فإن الظالمِين هنا عامٌّ، لفظ عامٌّ يَشمَل كفَّار مكَّةَ وغيرهم، وهذا هو الأَوْلى.
فإن قيل: ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ يَدُلُّ على أن هذا في المُتأخِّرين؟
قُلنا: نعَمْ، هو يَدُلُّ على أنه في المُتأخِّرين، لكن كل رَسول قد سبَقه رسول، فهنا نَقول: كذَّبَت قبلَهم قومُ نوحٍ وثَمودُ، كذَّبت قبلهم قوم عاد، وهَلُمَّ جرًّا، فيَكون
1 / 207