Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar
تفسير العثيمين: الزمر
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
حيث خسروا الاجتماع بهم في الآخِرَة.
قال الله ﷿: ﴿أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ إِيْ واللهِ، ﴿أَلَا ذَلِكَ﴾ وهذا التَّأكيد البالغ؛ فقوله: ﴿أَلَا﴾ أداة اسْتِفْتاح، والفائِدَة منها: التَّوْكيد والتَّنْبِيه ﴿ذَلِكَ﴾ إشارة للبُعْد؛ لأنَّه خُسْرانٌ سحيقٌ - والعياذ بالله - يعني لم يقل: ألا هذا، مع أن ذِكره قريبٌ لكنه خسرانٌ سحيقٌ، فأشير إليه بإشارَةِ البعد، ثم حَصَر، قال: ﴿هُوَ الْخُسْرَانُ﴾ يعني: لا غَيْره، ثم أكَّدَ بفداحَتِه فقال: ﴿الْمُبِينُ﴾ أي: [البَيِّن] الذي لا يَخْفَى على أحد، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الرَّابِحينَ.
من فوائد الآيتين الكريمتين:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّه ينبغي للإنسانِ أن يُعْلِنَ بالحَقِّ الذي هو عليه، ولا يبالِي بمن خالَفَه؛ لقوله: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (١٤) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ يعني: فلا أبالي بكم، أنا سأعبد الله وأسيرُ على الطَّريقَة السَّليمَة، وأنتم سيروا على ما شِئْتُم.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ مِن أشَدِّ النَّاس امتثالًا لأَمْرِ الله؛ لأنَّه قال فيما سبق: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ مُحْتاجٌ إلى العمل الذي يُنْجِيه من عذاب الله؛ لقوله: ﴿مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾ بالياء بالإضافَةِ، وهو كذلك، ولمَّا حَدَّث أصحابه بأنه: "لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ"، قالوا: ولا أَنْتَ يا رسول الله؟ قال: "وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَتِهِ" (١).
(١) أخرجه البخاري: كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت، رقم (٥٦٧٣)، ومسلم: كتاب صفة القيامة، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى، رقم (٢٨١٦)، من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 135