Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

Muhammad ibn al-Uthaymeen d. 1421 AH
52

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [الزخرف: ٣٩]، يَعْنِي: أَنَّ اشتِرَاكَهُم فِي العَذَابِ لَا يُخفِّفُ العذَابَ عَنْهُمْ، ولَا يَحصُلُ لكُمْ بِهِ تَسلٍّ، لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ -أَعَاذَنا اللهُ وإيَّاكُمْ مِنْهَا- لَا يَرَى أَنَّ أحَدًا منْهُمْ أخفُّ عذَابًا؛ ولذَلِكَ يَشتَدُّ حُزْنُهم -والعِياذُ باللهِ- إذَا رَأَى أنَّهُ هُوَ أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا وهُوَ أَهْوَ نُهُمْ. الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الاستِهزَاءَ بالرُّسلِ تَكذِيب لهمْ وزِيادَةٌ، لقَوْلِهِ ﷿: ﴿إلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ واعلَمْ أن الاستِهْزَاءَ بالرُّسلِ كُفْر، والاستِهْزَاءَ بالكُتُبِ كُفْر، والاستِهزِاءَ باللهِ كُفْر، قَال اللهُ ﵎: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: ٦٥ - ٦٦]. واختَلَفَ العُلمَاء ﵏ فيمَنِ استَهْزَأَ باللهِ أَوْ آياتِهِ أَوْ رَسُولِهِ، أَوْ سَبَّ اللهَ أَوْ كتَابَهُ أَوْ رَسُولَهُ، هَلْ تُقبلُ تَوبتُهُ أَوْ لَا تُقْبَلُ؟ عَلَى قَوْلَينِ، والصَّحِيحُ التَّفصِيلُ فِي هَذَا، وهُوَ أنَّهُ إِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى استِقَامَتِهِ وَصِحَّةِ تَوبتِهِ فإنَّها تُقْبَلُ، وإِلَّا فَلَا، وذَلِكَ لأَنَّ لهذَا المُستَهْزِئِ أَو السَّاخرِ أَو السَّابِّ ثَلَاثَ حَالاتٍ: الحَالُ الأُولَى: أَنْ يَستَمِرَّ فِي ذَلِكَ، فهَذَا لَا تَوبَةَ لَهُ، ويقتَلُ رِدَّةً. الحَالُ الثَّانيَةُ: أَنْ نَعْلَمَ أنَّهُ تَابَ تَوبَةً نَصوحَةً، لأنّه استَقَامَ وصَلَحَتْ حَالُهُ، فهَذَا تُقبَلُ تَوبتُهُ بِلَا إشْكَالٍ. الحَالُ الثَّالثَةُ: أَنْ نَتَردَّدَ هَلْ هُوَ صَادِق فِي تَوْبَتِهِ أَوْ غَيرُ صَادِقٍ. فهَذَا يُقْتَلُ، ويَكُونُ أمْرُهُ إِلَى اللهِ ﷿ نَقتُلُه لظَاهِرِ حَالِهِ؛ لأننا لَمْ نَتَيقَّنْ أَنَّ هَذه الحَال قَدْ تَغيَّرَتْ إِلَى مَا يَمْنَعُ قتْلَهُ، فنَقتُلُه، أمَّا فِي الآخِرَةِ فأَمْرُهُ إِلَى اللهِ.

1 / 56