﷿: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ [القلم: ٤٢ - ٤٣] فهُنَا كُلِّفُوا بالسُّجودِ مَعَ أن الآخِرَةَ ليسَتْ دَارَ تكْلِيفٍ فِي الأَصْلِ، لكِنْ قَدْ يُكلَّفُ النَّاسُ فِيهَا.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن أحكَامَ اللهِ ﷿ مُعلَّلةٌ بعِللٍ مُناسبَةٍ للحُكْمِ، وهَذَا مِنْ مُقتضَى حِكْمتِهِ؛ أَلَّا تَجِدَ حُكْمًا إلَّا ولَهُ حِكْمَةٌ، ولكِنْ هَلْ يَلْزَمُ مِنْ كَونِهِ لَهُ حِكْمَةٌ أَنْ تَكُونَ معلُومةً لَنَا؟
الجَوابُ: لَا؛ لأَنَّ أفْهَامَنَا وعُقُولَنَا أدْنَى مِنْ أَنْ تُحِيطَ عِلْمًا باللهِ، بحِكمَةِ الله ﷿، ولكنَّنا نَعلَمُ أنَّهُ لَا يُحكَمُ بشَيءٍ قَدَرًا أَوْ شَرْعًا إلا ولَهُ حِكْمَةٌ، إِذَا حَكَمَ اللهُ فِي الكِتَابِ أَو السُّنَّة بحُكْمٍ فَلَا تَبْغِ بهِ بَدِيلًا؛ لقَولِهِ ﷾: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦]، ولمَّا سُئِلَتْ أُمُّ المُؤمنِينَ عائِشَةُ ﵂ عَنِ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّومَ دُونَ الصَّلاةِ؟ قَالتْ: "كَانَ يُصيبُنا ذَلِكَ فنُؤمَرُ بقَضَاءِ الصَّومِ ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلاةِ" (^١).
* * *