Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

Muhammad ibn al-Uthaymeen d. 1421 AH
42

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

فكُنَّا أذِلَّةً نَتَوسَّلُ لأعدَائِنَا أَنْ يقَعَ السِّلمُ بينَنَا وبَينَ أعدَائِنَا. فلَوْ قَال لنَا قَائِلٌ: نحْنُ أُمَّةُ القُرآنِ ومَعَ ذَلِكَ فالنَّاسُ فِي ذُلٍّ! . قُلْنَا: لأنَّنا لم نَتمَسَّكْ بالقُرآنِ، ولَوْ تمَسَّكْنا بالقُرآنِ لضَمنَّا لأنفُسِنَا العُلوَّ والغلبَةَ والظُّهورَ، لكِنَّ الأمْرَ بالعكِسِ، فالْآنَ غَالِبُ المُسلمِينَ يَلهَثُونَ وَرَاءَ الدُّنيَا، مُعرِضِينَ عَنِ الدِّينِ، يَسَألُونَ: مَا الَّذِي يُنمِّي الاقتصَادَ؟ ما الَّذِي يَصِلُ بهِ إِلَى التَّرَفِ؟ ومَا أَشْبَه ذَلِكَ، لكِنْ مَا الَّذِي يُقوِّي الدِّينَ؟ هَذَا قَلِيلٌ أَوْ نَادِرٌ، هَذَا قَلِيل أَوْ مَعدُوم. إذَنِ: الكلِمَةُ ﴿لَعَلِيٌّ﴾ عَلَى ظَاهرِهَا وعَلَى معْنَاهَا، لكِنْ بشَرْطِ أَنْ نَتمَسَّكَ بهَذَا القُرآنِ. الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن مَنْ جَادَلَ بالقُرآنِ فهُوَ غَالِبٌ؛ لأَنَّ الَّذِي لَهُ العُلوُّ هُوَ القُرآنُ، أيُّ إنسَانٍ يُناظِرُك ووسيلَةُ إقنَاعِهِ ودَحْرِه القُرآنُ فإنَّكَ ستَغْلِبُه بلا شَكٍّ، لكِنْ لمَّا عَدَلَ كَثِيرٌ مِنَ الأُمَّة إِلَى كلَامِ أهْلِ الكلَامِ -الذِي لَا فائِدةَ فِيهِ- لم يُهَدْوا إِلَى صِرَاطِ المُستَقِيمِ، ولَم يَغْلِبُوا الأعْدَاءَ، بَلْ تَسلَّطَ علَيهِمُ الأعدَاءُ. حتَّى الفَلاسِفَةُ المُلحِدُون صَارُوا يَحتَجُّون بعَمَلِ الأشَاعرَةِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيهِ مِنَ البَاطِلِ، ويَقُولُون: أنتُمْ أيُّها الأشَاعِرَةُ، أنتُمْ أيُّها المعتزَلَةُ، حرَّفْتُمُ النُّصوصَ إِلَى مَا تَرَوْنَهُ عقْلًا، ونحْنُ أيضًا انْصرَفْنا عَنِ النُّصوصِ إِلَى مَا نرَاهُ عَقْلًا، فاحتَجُّوا ببِدَعِ هَؤُلاءِ عَلَى إلحادِهِمْ، وقَالُوا: نحْنُ وأنْتُمْ سَوَاءٌ، أنْتُمْ حَرَّفتُم ونحْنُ حرَّفْنا؛ ولكِنْ لَوْ تمَسَّكْنا بالقُرآنِ لَا يَستَطِيعُ هَؤُلاءِ الفلَاسفَةُ أنْ يجابِهُونا. واقْرَأْ كُتُبَ أهْلِ الكَلَامِ تَجِدْ صفحَةً صفحتَينِ لَا تَأتِي منْهُما إلَّا بفَائِدةٍ واحِدَةٍ، ولهَذَا صَحَّ أَنْ نَقُولَ: إنَّهُم أهْلُ الكلَامِ وكلَامُهُم كَلَامٌ، بمَعْنَى أن كلَامَهُم لَا فائِدَةَ

1 / 46