Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
فإِنْ قِيل: سِيَاقُ الآيَاتِ الَّتِي فِيهَا: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣] إنَّما كَانَ فِي رسَالةِ النَّبيِّ ﷺ فهَلْ يَصِحُّ الاستِشْهَادُ بِهِ عَلَى العُمُومِ؟
فالجَوابُ: نعَمْ يَصِحُّ؛ لأَنَّ العِبرَةَ بعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّببِ.
فائدة: بعضُ النَّاسِ يَستَنْبِطُ مِنَ الآيَاتِ مَا لَا تَحتَمِلُهُ الآيَاتُ، أرَأيتُمْ أوَّلَ مَا خرَجَ وُصولُ البشَرِ إِلَى القَمَرِ -ولعَلَّهُ حصَلَ قَبْلَ أَنْ يُميِّزَ أكثَرُكُمْ، أكثرُكُمْ شَبَابٌ والحمْدُ لله- لمَّا حدَثَتْ هذِهِ الحَادِثَةُ وقَالُوا: إنَّ البَشَرَ وَصلُوا إِلَى القَمَرِ وأخذُوا منْهُ عيِّنةٌ وجَاؤُوا بهَا إِلَى الأَرْضِ وادَّعَوْا أنَّها مِنَ القَمَرِ، أحجَارٌ سودَاءُ رأَينَاها، قَال النَّاسُ: هَذَا مَوجُود في القُرآنِ، فاللهُ ﷿ يَقُولُ: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إلا بِسُلْطَانٍ﴾ [الرحمن: ٣٣] أي: بعِلْمٍ، وهؤُلاءِ وَصَلُوا إِلَى أقطَارِ السَّمواتِ بالعِلْمِ، فقَالُوا: هذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى هَذَا.
لكِنَّ هَذَا التَّفسِيرَ محُرَّم، وقَولٌ عَلَى اللهِ، وكذِبٌ عَلَى اللهِ، فإنَّ الْآيَةَ في سِيَاقِ التَّحدِّي ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إلا بِسُلْطَانٍ﴾، ولا يُمكِنُ أَنْ يَتَحَدَّى اللهُ ﷿ أحَدًا بِمَا يَستَطِيعُ، التَّحدِّي مَعنَاهُ أن المُخاطبَ لَا يَستَطِيعُ، هذِهِ وَاحِدَةٌ.
ثَانيًا: الْآيَةُ ﴿إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إلا بِسُلْطَانٍ﴾ فبَدَأَ بالسَّمواتِ، فلَا يُمكِنُ لهؤُلاءِ أَنْ يَنفُذُوا مِنْ أقطَارِ السَّمواتِ، وإِذَا كَانَ أفضَلُ رَسُولٍ فِي البَشَرِ، وأفضَلُ رَسُولٍ فِي المَلَائكَةِ لَمْ يَدْخُلِ السَّماءَ الدُّنيَا إلَّا باستِفْتَاحٍ وإذْنٍ فكَيفَ بهَؤُلاءِ؟ !
فهؤُلاءِ إِنْ نفَذُوا مِنْ أقطَارِ الأَرْضِ لَمْ يَنفُذُوا مِنْ أقطَارِ السَّمواتِ.
1 / 41