Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura
تفسير العثيمين: الشورى
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٧ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
بل هي عقوبةٌ لكنَّها لا تَنْقُصُ عن أربعين، والدَّليلُ أنَّها عقوبةٌ أنَّ شاربَ الخمرِ في عهدِ الرَّسولِ ﵊ يُؤتى به فيضربُه النَّاسُ الَّذي يضربُ بيَدِه، والَّذي يضربُ بثوبِهِ، والَّذي يضرِبُ بنعْلِه بدونِ حدٍّ معيَّنٍ، ثم جعلها أبو بكرٍ ﵁ أربعين، ثم جَعَلَهَا عُمَرُ ﵁ أربعين، ثم كَثُرَ شُرْبُ الخمرِ فزادها عُمَرُ إلى ثمانين، بعد أن استشار الصَّحابةَ فقال عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ ﵁: أرى أن تَجْعَلَهَا كأخفِّ الحدودِ (^١). وأخفُّ الحدودِ حدُّ القذْفِ ثمانون، فَجَعَلَها عمرُ ثمانين، وهذا كالإجماعِ من الصَّحابةِ ﵃ أنَّ عقوبةَ شارِبِ الخمرِ ليستْ حدًّا؛ لأنَّه لو كانتْ حدًّا لا يُمْكِنُ لأيِّ أحدٍ أن يَزيدَ؛ ولهذا لو كَثُرَ الزِّنا في النَّاسِ لا نزيدُ عن مئةِ جَلْدَةٍ، أيضًا قال عبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ ﵁: اجعلْها كأخفِّ الحدودِ.
فدلَّ هذا على أنَّها ليستْ حدًّا وإلَّا لما صحَّ أن يقولَ: اجعلْها كأخفِّ الحدودِ، وأيضًا إذا تَكَرَّرَ جَلْدُه ففي الرَّابعةِ يُقْتَلُ على رأيِ كثيرٍ من العُلَمَاءِ؛ لما جاء ذلك في السُّنَنِ: "إذا شَرِبَ فاجْلِدُوه، ثمَّ إن شَرِبَ فاجْلِدوه، ثمَّ إن شَرِبَ فاجْلِدُوه، ثمَّ إن شَرِبَ الرَّابعةَ فاقْتُلُوه" (^٢). هذا الحديثُ صحيحٌ، ذَهَبَ إليه أهلُ الظَّاهِرِ، وأكثرُ العُلَمَاءِ يقولُ: لا يُقْتَلُ لو شَرِبَ ألفَ مرَّةٍ، ويُجْلَدُ ألْفَ مرَّةٍ. واختار شيخُ الإسلامِ قولًا وسطًا، وقال: إذا لم يَنْتَهِ النَّاسُ بدون القتلِ فإنه يُقْتَلُ؛ لئلَّا يتكاثرَ شُرْبُ الخمرِ، وأمَّا إذا انتهى النَّاسُ بدونِ القتلِ فإنه لا يُقْتَلُ (^٣).
(^١) أخرجه مسلم: كتاب الحدود، باب حد الخمر، رقم (١٧٠٦)، من حديث أنس ﵁.
(^٢) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٢٨٠)، وأبو داود: كتاب، باب إذا تتابع في شرب الخمر، رقم (٤٤٨٤)، والنسائي: كتاب الأشربة، باب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر، رقم (٥٦٦٢)، وابن ماجه: كتاب الحدود، باب من شرب الخمر مرارًا، رقم (٢٥٧٢)، من حديث أبي هريرة ﵁.
(^٣) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٣٣٦ - ٣٣٧)، (٣٤/ ٢١٦ - ٢١٧).
1 / 282