Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

Muhammad ibn al-Uthaymeen d. 1421 AH
63

Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum

تفسير العثيمين: الروم

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

لا ينكرُه المكذِّبونَ بالبعْثِ؛ لأنَّهم يُقرُّونَ بالابْتِدَاءِ، إنما هُمْ يُنْكِرُون الإعادَةَ، ﴿مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس: ٧٨]، وعَلَى هَذا فالبعْثُ إعَادَةُ وجمْعُ مَا تفرَّقَ، وليْس ابتدَاءَ خلْقٍ جدِيدٍ. وَإِذا قِيلَ: هَذا المتفَرِّقُ صَار رَميمًا، ثمَّ تُرابًا وتَلاشَى، أوْ أنَّ الإنسان أكلَتْه السّباعُ أوْ الحيتَانُ، أَوْ مَا أشْبَهَ ذَلِك. قُلْنَا: مَهما كَانَ، فاللهُ تَعالَى قادِر عَلَى أنْ يجْمَعَهُ ثمَّ يُعيدَه، وَلهذا قَالَ: ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾. قوْله تَعالَى: ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ﴾ لَا إِلَى غيْرِه، ﴿تُرْجَعُونَ﴾ فِيها قراءَتَانِ "يُرْجَعُونَ" و﴿تُرْجَعُونَ﴾ (^١)، فعَلى قراءَةِ التاء تكونُ الجمْلَةُ للخِطَابِ، وعَلى قِراءَةِ اليَاءِ تَكونُ الجمْلَةُ للغَيْبَةِ. ويُشْكِلُ عَلَى هَذا أنَّه قَال: "يُرْجَعُونَ" مَع أنَّ الخلْق في قوْلِه تَعالَى: ﴿يَبْدَأُ الْخَلْقَ﴾ مفْرَدٌ، ﴿يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾، ومقْتَضى السّياقِ أنْ يقُولَ: "ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُ"، لكنَّه قال: "يُرْجَعُونَ". والجوابُ عَلَى ذَلِكَ: أنَّ (الخلْقَ) مصْدَر بمعْنَى اسْمِ مفْعُولٍ، فمَعْنَى يبْدَأُ الخلْق يعْنِي يبْدَأُ المخْلُوقِينَ، ولكنْ لمَّا كَان مصْدَرًا فإِنَّ المصْدَر لا يُثَنَّى ولَا يُجْمَعُ، قَال ابْنُ مَالك في الألفيَّةِ (^٢): ونَعتُوا بِمَصْدَرٍ كثِيرَا ... فالتزَمُوا الإفْرَادَ وَالتّذْكيرَا

(^١) الحجة للقراء السّبعة (٥/ ٤٤٤). (^٢) البيت رقم (٥١٣) من ألفيته.

1 / 69