169

Tafsir al-Uthaymeen: Al-Imran

تفسير العثيمين: آل عمران

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الثالثة

سال انتشار

١٤٣٥ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

المؤمنين؛ يعادون المؤمنين، ويوالون الكفار. وجاءت هذه الآية: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ﴾. ولم يقل: "لا تتخذوا"؛ لأن الله فرق بين قوله: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، وبين ما إذا اتخذ المؤمنون الكافرين أولياء لا من دون المؤمنين، فوجَّه الخطاب إلى المؤمنين مباشرة في الثانية دون الأولى؛ فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ﴾ [المائدة: ٥١]، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ [الممتحنة: ١]. فخاطبهم خطابًا مباشرًا. قال بعض العلماء المعاصرين: إن الله لم يخاطب المؤمنين خطابًا مباشرًا؛ لأن هذا أمر مُشين. والأمر المشين تكون المخاطبة المباشرة فيه صدمة عظيمة، ولهذا قال الله تعالى لرسوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ [عبس: ١ - ٢]، ولم يقل: عَبِست. وهذا القول أول ما يطالعه الإنسان يظنه جيدًا؛ لكن يشكل على هذا قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا﴾ [النساء: ١٤٤] فهنا واجههم بالخطاب مباشرة، مع أنه قال: ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. وعلى هذا فيكون التوجيه الذي ذكره بعض المعاصرين فيه نظر. ونقول: إن الله عبَّر بصيغة الغائب هنا: ﴿لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ دون الخطاب، لبلاغة يعلمها الله ﷿، قد نعلمها وقد لا نعلمها. ثم قال: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾، المشار إليه: الاتخاذ، وعادت

1 / 171