Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan
تفسير العثيمين: الفرقان
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
كَنز تَستغني به عن طلب الرزق؟ بماذا نُجيبهم؟ دَفع قولهم أنَّ النَّبيَّ -صلي اللَّه عليه وسلم- خُيِّر بينَ أن تُسيَّر معه الجبال ذَهَبًا أو خُيِّر بين أن يَكُونَ ملِكًا نبيًّا أو عبدًا نبيًّا، فاختار هذا.
لَكِنْ هَذِهِ ليستْ مقنِعةً لهم، فنقول: الرِّسَالة لا تَتَوَقَّف على المال، وليس المال دليلًا للرسالة؛ لِأَنَّ هناك أُناسًا كثيرينَ أغنياء ولَيْسُوا برسلٍ. ثُمَّ نقول: إن عدم المال معه قد يَكُون أكْثَر لتأييد كونه رسولًا؛ لِأَنَّهُ لو نزل إليه مال وكان عندَه كَنزٌ واتبعه النَّاس مِنْ أجْلِهِ لصارت المسألة أَنَّهُمْ ما اتَّبعوه مِنْ أجْل رسالته، ولقيل: اتبعه النَّاس مِنْ أجْل كَنزه وغِناه. إذَن نقول: كونه لم يُنزَل عليه كَنز ليس مانعًا مِنَ الرِّسَالة؛ لِأَنَّ ثبوت الرِّسَالة لا يتوقف على الكنز، بل تَثْبُتُ بدونه، فهذا إبطال لقولهِم.
خامسًا: قولهم: ﴿أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ نقول فيها مثل ما قُلنا في مسألة الكَنْز؛ أن هَذَا ليس بلازمٍ للرسالةِ، وأنه لو كان له جَنَّة يأكل منها أو (نأكل) على القراءة الثَّانية، وهي أَولى، لقيل: إنهم اتَّبعوه لأجل الأكل من هَذِهِ الجنَّة.
سادسًا: قولهم: ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ بماذا نَرُدُّ عليهم؟ نرد عليهم بأن المسحور لا يُمكِن أن يأتيَ بمثل هَذَا الكَلام الَّذِي يعجِز عنه العقلاء، فيقال: فهل يمكن لإنْسَان مسحور مخبول العقل بالسِّحر أن يأتي بكَلام يعجِز عنه العقلاء ويُتَحَدَّى العقلاء أن يأتوا بمثله ولا يستطيعون؟ لا يمكن، هَذَا واضح جدًّا، ولهذا قَالَ اللَّه ﷾: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾، فالمسحورُ لا يُمْكِن أنْ يأتيَ بمثلِ هَذَا الكَلامِ، فنحنُ لا نقولُ: إِنَّهُ يأتي بكَلامٍ يُمْكِن نَقْضُه أو لا يُمْكِن، بل لا يُمْكِن إلَّا أن يأتيَ بكَلامٍ غيرِ متوازنٍ، فكيف بكَلامٍ مُعْجِزٍ؟ !
* * *
1 / 52