Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan
تفسير العثيمين: الفرقان
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
"أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ" (^١) هذه مخلوقة، وقوله: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦]، هذه الصِّفة الَّتِي ليست مخلوقة.
فإذَن الرَّحمةُ المضافةُ إِلَى اللَّهِ تَنقسِم إِلَى قِسمينِ؛ مخلوقة، وسُمِّيَتْ رحمةً لِأَنَّهَا من آثارِ الرَّحمةِ، وغير مخلوقةٍ، وَهِيَ صِفَتُه، والَّتِي معنا فِي قوله: ﴿بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ هل هي المخلوقة أو غير المخلوقة؟ يَحتمِل أنَّ قولَه: ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ معناه إذا أرادَ أنْ يَرْحَمَ، فتكون من غير المخلوقةِ، ويَحْتَمِلُ ﴿بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾ بَيْنَ يَدَي المَطَرِ نفسِه، فتكون الرَّحمة هنا مخلوقةً؛ لأنَّ إِطلاقَها عَلَى المَطَرِ يَقتَضِي ذلكَ، والمُفَسِّر ﵀ فَسَّرَها عَلَى أنها الرَّحمة المخلوقةُ؛ لأَنَّهُ قَالَ: [قُدَّامَ المَطَرِ].
وقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا﴾ من المعروفِ أنَّ الَّذِي يَكُونُ به المطرُ بإذنِ اللَّهِ هي الرِّياحُ الجَنُوبِيَّة، ولذلك يَقُولُونَ لنا: إنَّ الأوَّلينَ مِن آبائنا وأَجدادِنا إذَا هَبَّتِ الرِّيحُ الجنوبيَّة أَوْضَعُوا السواني وقالوا: الآن يأتي المطرُ، ولا حاجةَ لِأَنْ نَسْقِيَ الزرعَ، وكأنه شَيْءٌ مُعتادٌ عندَهم.
قوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ﴾ أي مِنَ السحابِ؛ لِأَنَّ كلَّ ما عَلاكَ فَهُوَ سماءٌ، ولا شكَّ أن المطرَ إِنَّمَا يَنزِلُ مِنَ السحابِ، فيَكُون المراد بالسماءِ هنا العُلُوّ.
وقوله: ﴿مَاءً طَهُورًا﴾ يَعْنِي به المطر، و(الطَّهور) بفتح الطاء هو ما يُتَطَهَّرُ به، أو ما تَحْصُلُ به الطهارةُ، وأمَّا (الطُهور) بِضَمِّها فَهُوَ التطهُّر.
هنا يقولُ: ﴿وَأَنْزَلْنَا﴾، وقبلَها: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ﴾، ففيه من علمِ البَديع
(^١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله: ﴿يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ﴾ [ق: ٣٠]، رقم (٤٨٥٠)، ومسلم: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، رقم (٢٨٤٦).
1 / 205