179

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٣٠) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١) يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ [التوبة: ٣٠ - ٣٣]. فنقول: دين الحقّ ما جاء به الرَّسولُ ﵊، فإذَن اليهوديّ الكِتَابيّ إذا بقِيَ على دينه، وإن كان دينُه حقًّا حينما كان هو الثابت، لكنَّه الآن ليسَ بدين حقٍّ؛ لِأَنَّ دين الحقِّ ما جاء به مُحَمَّدٌ ﷺ، فيَكُون في آخِرِ الآياتِ ما يدل على أن هَؤُلَاءِ وإنْ زَعَموا أَنَّهُمْ على شريعةٍ وعلى دينٍ، فإن دينَهم ليس دينَ حقٍّ بعد أنْ جاء دينُ الرَّسولِ ﷺ، قال تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ [التوبة: ٣٣].
وهذا نظير ما يحتجّ به هَؤُلَاءِ في قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [البينة: ٦]، اللَّه ﷾ يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ وهم يَقُولُونَ: نحن ما كَفَرنا، بل نحن مؤمنونَ، فيَجعلونَ (من) للتبعيضِ، لا لبيانِ الجِنس، ونحن نقول: إن (من) لبيانِ الجِنس، فقوله: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ من أيِّ طائفةٍ؟ ﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ﴾، هَذَا بيان للاسْمِ الموصول (الذين) في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾.
فالحاصِلُ: أنَّهُ توجَد آياتٌ في القُرْآن كما أَسْلَفْنَا مشتَبِهات يتبعها الَّذِينَ في قُلُوبهم زيغ، ولكنَّ المؤمنين يَرُدُّونها إلى المحكَمِ، فتكون كلها محكَمةً.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: قوله تَعَالَى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٠]، ألا يَكُون دليلًا صريحًا على كُفْرِهِم، لكِن إذا قالوا: نحن لا نقولُ: عُزيرٌ ابنُ اللَّه،

1 / 184