Tafsir al-Uthaymeen: Al-Fatihah and Al-Baqarah
تفسير العثيمين: الفاتحة والبقرة
ناشر
دار ابن الجوزي
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٣ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
على عباده، أما السيئة فسببها فعل العبد كما قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى: ٣٠) فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيء إلى سببه، لا من إضافته إلى مُقَدِّره، أما إضافة الحسنة والسيئة إلى الله تعالى فمن باب إضافة الشيء إلى مقدره، وبهذا يزول ما يوهم الاختلاف بين الآيتين لانفكاك الجهة
ويقولون في المثال الثالث: إن النبي ﷺ لم يقع منه شكٌّ فيما أنزل إليه، بل هو أعلم الناس به، وأقواهم يقينًا كما قال الله تعالى في نفس السورة: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) (يونس: الآية ١٠٤)، المعنى إن كنتم في شكٍّ منه فأنا على يقين منه، ولهذا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله، بل أكفر بهم وأعبد الله.
ولا يلزم من قوله: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ) (يونس: الآية ٩٤) أن يكون الشكُّ جائزًا على الرسول ﷺ، أو واقعًا منه ألا ترى قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (الزخرف: ٨١) هل يلزم منه أن يكون الولد جائزًا على الله تعالى أو حاصلًا؟ كلَّا، فهذا لم يكنْ حاصلًا، ولا جائزًا على الله تعالى، قال الله تعالى: (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا) (مريم: ٩٢» إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) (مريم: ٩٣)
ولا يلزم من قوله تعالى: (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (البقرة: الآية ١٤٧) أن يكون الامتراء واقعًا من الرسول ﷺ؛ لأن النهي عن الشيء قد يوجه إلى من لم يقع منه ألا ترى قوله تعالى: (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا
المقدمة / 48