261

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ankabut

تفسير العثيمين: العنكبوت

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

طريقَةُ القرآن، اقرأ في الإثباتِ ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، واقرأ في النَّفْي: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشوري: ١١]، ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١٠]، ومن جرَّبَ مِثْلَ تجرِبَتِي عَرَف مثلَ مَعْرِفَتِي] (^١)، فأقر الرجل على نفسه بأن المذاهبَ الفلسفية كلها لا خيرَ فيها؛ لا تَشْفِي العَلِيل ولا تَرْوي الغليل.
الفَائِدةُ الخامِسة: أن من مُشْرِكِي قريشٍ من آمَنَ بالقرآنِ لقوله: ﴿وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ﴾، فقد آمن مِنْ قُريش من أشْرافهِمْ ووُجهائِهِم ممن سَبقوا إلى الإسلام مثلِ أبي بكرٍ ﵁ كان مِنْ أشْرَافِهِمْ، وكانوا يرْجِعُونَ إليه في النَّسبِ، ومعروفٌ بالكَرَمِ، ويُعِينُ على نَوائب الحق، فأوصافُه ﵁ كأوصافِ النبي ﷺ، ومع ذلك كان أسبقَ الناسِ إلى الإيمانِ بالرسولِ ﷺ، فلماذا تُنْكِرُونَ وفيكم مَنْ آمن به؟
الفَائِدةُ السَّادسَة: أن كُلَّ من جَحدَ بآياتِ اللَّهِ فهو كافِرٌ، لقولِهِ: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ﴾، وهذا يشمل جَحْدَ الآياتِ عُمومًا وجَحْدَ أفرادِهَا، فمَنْ جَحَدَ بعضَ القرآنِ وأقَرَّ ببعضِهِ حُكِم بكفره، كما قال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٥٠]، فمن آمن ببعضٍ وكَفَرَ ببعضٍ عَلِمْنَا يَقِينًا أن إيمانَهُ ليس بحَقٍّ، لو كان إيمانُهُ حَقًّا لم يكن هناك فرقٌ بين ما آمَنَ به وكَفَرَ به، وإنما كَفَرَ بِبَعْضِهِ لمجَرَّدِ هَواهُ.
فمن جَحَدَ شيئًا مِنَ الشَّريعَةِ الإسلاميةِ فإنَّهُ كافِرٌ ولو آمَنَ بالبَاقِي، لكن ليُنْتَبَهَ إلى أن هذا مشروطٌ بالعِلْمِ، فإذا انْتَفَى العِلْمُ وجَحَدَهُ لعدمِ عِلْمِه لم يَكْفُر حتى يَتبَينَ له الحقُّ؛ لأن اللَّه يقول: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]،

(^١) سير أعلام النبلاء (٢١/ ٥٠٠)؛ ومجموع الفتاوى (٤/ ٧٢ - ٧٣)؛ والبداية والنهاية (١٣/ ٦١ - ٦٢).

1 / 265