﴿الْمُبِينُ﴾، أي: البين وهو اسم فاعل من (أبان)، وأبان يصح أن تكون لازمة ويصح أن تكون متعدية، فإذا قلت: أبان المعلمُ للطالب معنى الكتاب فهذه متعدية، وإذا قلت: أبان الصبحُ، بمعنى انجلى فهذه لازمة، فالمبين هنا بمعنى بيِّن.
من فوائد الآية الكريمة:
الفائدة الأولى: فوز من يصرف عنه العذاب يوم القيامة.
الفائدة الثانية: إثبات الرحمة لله ﷿ بلفظ الفعل لقوله: ﴿فَقَدْ رَحِمَهُ﴾ ورحمة الله ﵎ من الصفات الذاتية الفعلية، فباعتبار المرحوم تكون فعلية، وباعتبار كونها وصفًا ثابتًا لله تكون من الصفات الذاتية، والرحمة يكون بها حصول المطلوب والنجاة من المرهوب.
فإذا قال قائل: هل رحمة الله حقيقية، أم أنها عبارة عن الثواب، أو إرادة الثواب؟
فالجواب: هي حقيقية، ولكنها ليست كرحمة المخلوق التي يكون فيها نوع من الضعف، ولكنها رحمة الخالق الذي هو فوق عباده ﷿.
وقد أنكر قوم الرحمة، وقالوا: إن الله لا يوصف برحمة حيقية؛ لأنها تدل على الرقة واللين، وهذا لا يليق بالله ﷿، فإذا قلنا لهم: فسروها لنا، قالوا: الرحمة هنا عبارة عن آثار الرحمة، وهي إما الإرادة وإما الثواب، والفضل الذي حصل برحمة الله، فإذا قيل لهم: ما الذي حملكم على صرف الكلام عن ظاهره؟ قالوا؛ لأن الرحمة على الوجه الذي ذكرنا تدل على الضعف، هذا منتهى تقريرهم.