Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab
تفسير العثيمين: الأحزاب
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٦ هـ
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
قال: [﴿وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ شديدًا بالوفاء بما حُمِّلوه وهو اليمين باللَّه تعالى ثُم أخَذَ اللَّهُ تعالى المِيثاق] المِيثاق العَهْد، لكن المُفَسِّر يَقول: [وهو اليمين باللَّه، كأنه يُشير إلى قوله ﷾: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾ ولكن هذا فيه نظَر.
والصوابُ: أن العهد الذي أُخِذ على الرُّسُل هو أن يُبلِّغوا الرِّسالة ويَقوم أيضًا بالإيمان بما يَجِب الإيمان به من بابِ أَوْلى؛ لأنهم إذا أُرسِلوا إلى غيرهم فلأنفُسِهم أَوْلى، فيَشمَل أو فيَكون قوله تعالى: ﴿لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ﴾ فَردًا من أفراد هذا العهدِ والمِيثاق.
فإن قال قائِل: بعض العُلَماء ﵏ مثل ابنِ عَقيل والقُرطُبيِّ (^١) يَقولون: المُفاضَلة من جهة الرِّسالة أو النُّبوَّة. فتقولون: لا يَنبَغي للإنسان أن يَذكُر هذا، لكن إذا ذكَر المُفاضَلة فإنما تَكُون من جهة بعض المُميِّزات التي تَكون في الأنبياء من شِدَّة العزيمة والصبر وغيرهما، فما الجَوابُ عن ذلك؟
فالجوابُ: يُمكِن أن يَكون قصدُهم أنَّه يَخشَى أن المُفضَّل عليه يَقعَ في نفس الإنسان تَنقُّصًا له؛ ولهذا الرسولُ ﷺ نَهَى أن نُفضِّل بين الأنبياء قال ﵊: "لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ" (^٢) فإذا كان هناك مثَلًا محَذور فيُعْرَض عنه، أمَّا إذا كان يُريد
(^١) تفسير القرطبي (٣/ ٢٦٢ - ٢٦٣). (^٢) أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول اللَّه تعالى: ﴿وَإنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾، رقم (٣٤١٤)، ومسلم: كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى ﷺ، رقم (٢٣٧٣)، من حديث أبي هريرة ﵁.
1 / 78