294

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab

تفسير العثيمين: الأحزاب

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

بل هو من بابِ النِّعْمة والعَطاء والفَضْل، فكيف جَمَع بين إِنْعام الرسول ﷺ وإنعام اللَّه تعالى بالواو الدالَّة على التَّشريك؟
فالجَوابُ أن نَقول: جمَع بينهما بالواو الدالَّة على التَّشرِيك، لأنَّ النِّعْمَتَيْن مخُتَلِفَتان، فالنِّعمة الأُولى من اللَّه تعالى بالإسلام، والثانية: النِّعْمة من الرسول ﷺ بالعِتْق، فلمَّا اختَلَفَتِ النِّعْمتان صارتِ الواو لا تَدُلُّ على الاشتِراك، لامتِناع الاشتِراك بين شَيْئَيْن مخُتَلِفَين.
قال ﵀: [﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ بالإعتاق وهو زيدُ بنُ حارِثةَ كان مِن سَبْي الجاهِلية اشتَراه النبيُّ ﷺ قبل البعثة وأَعتَقَه وتَبنَّاه، المَشهور أنَّ زيدَ بنَ حارثةَ ﵁ كان مَملوكًا لجديجةَ ﵂، فوهَبَتْه للنبيِّ ﷺ، هذا هو المَعروف في السِّيَر (^١)، وأيًّا كان فإنَّ زيدَ بنَ حارِثةَ ﵁ كان مَملوكًا للرسول ﷺ، ثُمَّ أَعتَقَه وتَبنَّاه أيضًا، فرَفَع مَعنَويَّاتِه بكونه أَضافَه إليه ابنًا له، وكان يُدعَى زَيدَ بنَ محُمَّدٍ (^٢)، حتى أَبطَل اللَّه تعالى ذلك في قوله: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [الأحزاب: ٤٠]، وبقوله ﷾: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤].
وقوله ﵀: [﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ﴾ في أَمْر طلاقِها: ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ﴾ هُنا عَدَّى ﴿أَمْسِكْ﴾ بـ (عَلَى)، لأنَّها بمَعنى: اضمُمْ عليك زوجَك، يَعنِي: اجعَلْها مُنضمَّة عليك ولا تُفارِقْها.

(^١) انظر: الاستيعاب (٢/ ٥٤٣)، والإصابة (٢/ ٤٩٥).
(^٢) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾، رقم (٤٧٨٢)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة ﵃، باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد ﵄، رقم (٢٤٢٥)، من حديث ابن عمر ﵄.

1 / 299